أخــبـــــار

عودة “الوسيط السري” للساحة الإعلامية| “قناة سرية”.. هل يقود وسيطا “صفقة شاليط” مباحثات جديدة لتبادل الأسرى

غزة_ المواطن

كانت “المفاوضات التي قادت لصفقة شاليط” والتي استمرت على مدار خمسة أعوام خاضتها حركة حماس ضد (إسرائيل) نهاية رحلة تفاوض أطلقت عليها “صفقة وفاء الاحرار”، بينما عرفت (إسرائيليا) بصفقة تحرير الجندي (الإسرائيلي) جلعاد شاليط.

ففي الحادي عشر من اكتوبر 2011 وبعد جولات عديدة من المباحثات والمفاوضات غير المباشرة بين حماس و(إسرائيل) توصل الطرفان بوساطة مصرية لاتفاق يقضي بإطلاق سراح 1027 أسيرا فلسطينيا في سجون الاحتلال على مرحلتين مقابل إطلاق حماس الجندي جلعاد شاليط.

وقال الوسيط الإسرائيلي السابق، غرشون باسكين، والذي بقي اسمه طي الكتمان لفترة طويلة من الزمن، إنه توصل إلى اتفاق على ملامح صفقة محتملة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي ادعى أنه تفاوض معها بطلب من أحد ممثلي عائلات الأسرى الإسرائيليين.

ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن باسكين -الذي شارك في مفاوضات صفقة جلعاد شاليط عام 2011- قوله إنه تفاوض مباشرة مع قيادة حماس في الأسبوعين الماضيين بطلب من مسؤول كبير سابق في هيئة عائلات الأسرى.

وأوضح أنه توصل إلى اتفاق مع قيادة الحركة على ملامح صفقة تشمل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين خلال 3 أسابيع مقابل انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

لكن هيئة عائلات الأسرى قالت في بيان إنها لم تتواصل مع أي جهة لتطلب خوض مفاوضات لإعادة المختطفين نيابة عنها، وأضافت أنها تعد الحكومة الإسرائيلية وقادتها المسؤولين الوحيدين عن عودة المختطفين، وفق تعبيرها.

وتتحدث وسائل إعلام إسرائيلية عن 107 أسرى ما زالوا محتجزين لدى حماس وبقية فصائل المقاومة في قطاع غزة، لكن المنظومة الأمنية الإسرائيلية ترجح أن يكون نصفهم قد لقوا مصرعهم.

“قناة سرية ونشطة”

وقال باسكين أيضا عبر منصة إكس إنه تلقى الضوء الأخضر من السلطات الإسرائيلية لخوض محادثات مع حماس في مايو/أيار الماضي، واستطاع نقل وتلقي رسائل بشكل رسمي ومباشر، قبل أن تطلب منه السلطات بعد أسبوعين التوقف عن مسعاه.

وكتب باسكين “أعتقد أن نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) علم أنني أشغّل قناة مباشرة وسرية كانت نشطة للغاية ولم يرق له الأمر”.

ونفى مسؤولان إسرائيليان لهآرتس ما ذكره باسكين عن مفاوضات مع حماس نيابة عن إسرائيل، وقال أحدهما إن حماس لا تحتاج تقديم المطالب التي ذكرها باسكين عبر قناة سرية بما أنها تفعل ذلك عبر القناة الرسمية أصلا.

وباسكين ناشط يساري إسرائيلي كان حلقة وصل بين كبار قادة حماس والمبعوث الإسرائيلي ديفيد ميدان في مفاوضات صفقة شاليط.

وبذل باسكين جهودا استمرت 5 سنوات لإطلاق سراح شاليط، رغم أن الإعلام الإسرائيلي ظل يردد أن الحكومة الإسرائيلية لم تطلب منه ذلك، وظلت المنظومة الأمنية ومكتب رئيس الوزراء يتعاملان ببرود مع مساعيه، حسب تقارير إعلامية إسرائيلية حينها.

لكن المحادثات التي قادت إلى انفراجة في صفقة شاليط عام 2011 مرت عبر باسكين، بعد أن تلقى مقترحا لعقد صفقة تبادل من غازي حمد نائب وزير خارجية حكومة حماس حينها.

وبدأت علاقة الرجلين بعد أول مكالمة هاتفية بينهما في يوليو 2006 خلال التفاوض على صفقة شاليط، الجندي الإسرائيلي الأسير، الذي تم إطلاق سراحه في أكتوبر 2011، مقابل إطلاق سراح أكثر من 1000 أسير فلسطيني.

ووفا للصحيفة، نجت علاقة الرجلين من جولات لا حصر لها من العنف بين إسرائيل وحماس، وساعدت في إنهاء العديد منها.

طبيعة الاتصالات بعد 7أكتوبر

وحتى بعد 7 أكتوبر، أوضحت الصحيفة أن ظل باسكن وحمد على اتصال، بما في ذلك مناقشة صفقة لإطلاق سراح بعض الرهائن.

وبينما قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، ما أسفر عن مقتل أكثر من 13 ألف من سكان غزة وفقًا للسلطات الصحية في غزة، استمرت العلاقة غير المتوقعة بينهما، ثم انقطع شيء ما، بحسب الصحيفة.

وأشارت إلى أن تأثير الهجوم الذي قادته حماس أدى إلى تحطيم فكرة إمكانية احتواء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الأبد دون حل. ومنذ ذلك الحين، أدى الصراع إلى نزوح أكثر من 1.5 مليون شخص، معظمهم في غزة، ووضع الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية.

وكان من بين العواقب أيضا حدوث خلاف بين باسكن حمد، وفقا للصحيفة.

وذكرت أنه، في 24 أكتوبر، بدأ حمد في تبرير هجوم حماس علنًا والدعوة إلى شن مزيد من الهجمات، مشيرا إلى أن “وجود إسرائيل هو الذي يسبب كل هذا الألم والدم والدموع”. وقال في مقابلة تلفزيونية: “إنها إسرائيل، وليس نحن”، مضيفا: “كل ما نقوم به له ما يبرره”.

وبعد أسبوع، شاهد باسكن المقابلة وهو مذعور، بحسب ما ذكرت الصحيفة التي أوضحت أن الناشط الإسرائيلي كتب في رسالة نصية إلى حمد اطلعت عليها “نيويورك تايمز”: “أعتقد أنك فقدت عقلك وفقدت قانونك الأخلاقي”. وأضاف باسكن: “لا أريد التحدث معك مرة أخرى”.

وطوال العلاقة بينهما، بدا التوصل إلى هدنة طويلة الأمد، إن لم يكن السلام الدائم، بين إسرائيل وحماس أمراً معقولاً، إذ كانت فكرة مطروحة على الطاولة ناقشها الاثنان شخصيًا، لكن ليس بعد الآن.

وذكرت الصحيفة أنه، في 24 أكتوبر، قال حمد، الذي كان يُعتبر ذات يوم من المعتدلين في حماس وكان يتحدث العبرية في المفاوضات مع باسكن، إنه يريد إبادة إسرائيل. وانضم باسكن، وهو يساري، إلى التيار الإسرائيلي السائد في الدعوة إلى إزالة حماس.

وقال باسكن في مقابلة: “في رأيي، لم يعد بإمكانهم التواجد كحكومة إلى جانب إسرائيل”.

وقال حمد في مقابلة منفصلة: “لقد تغير موقف باسكن”. وأضاف حمد: “لقد أحس كيف تغيرت”.

وبرز هجوم حمد على إسرائيل في تصريحاته الأخيرة، وقال في، ٨ نوفمبر، لقناة الجزيرة الإخبارية إنه” يتحدى إسرائيل إن كانت قادرة حتى اللحظة على تسجيل تحقيقها لأي إنجاز عسكري على الأرض بخلاف قتل المدنيين. وأضاف أن غزة “لا تقهر وستبقى شوكة في حلق الأميركيين والصهاينة”، وفقا لوكالة “رويترز”.

وتابع أن “الأميركان يدعمون دولة الاحتلال في وهم كبير أنهم يستطيعون إعادة ترتيب الأوضاع في غزة”، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وأكد أن “ترتيب الأوضاع في غزة شأن فلسطيني محض، وحماس ستكون جزءاً منه غصباً عنهم، باعتبار أنّها جزء من النسيج الوطني الفلسطيني”.

وردّاً على ما نُقل عن استعداد السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، قال حمد “أقول للسلطة الفلسطينية بشكل واضح، يجب عليكم أن لا تتعاونوا مع الأميركان وأن لا تأتوا على ظهر الدبابة الأميركية ويجب أن لا تتعاونوا مع المخطط الأميركي”.

وتابع “أتوجه للرئيس أبو مازن، هذا موقف يحسب لك في التاريخ، أن ترفض هذا الموقف الإجرامي المشبوه الذي تقوم به الولايات المتحدة”.

وفي ٢٨ أكتوبر، دعا حمد إلى التنفيذ الفوري لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، محذرا من كارثة بعد أن وسعت إسرائيل هجماتها الجوية والبرية خلال الليل، وفقا لـ”رويترز”.

وقال حمد في مؤتمر صحفي ببيروت “نعتبر القرار انتصار لشعبنا الفلسطيني، ونطالب بسرعة إرسال هذه المساعدات المتكدسة على الجانب المصري، وأن يتم توزيعها على كافة المناطق والمستشفيات في قطاع غزة”.

زر الذهاب إلى الأعلى