عمرها 455 مليون سنة .. سمكة متحجرة تكشف لغز تطور البشر
كشفت جمجمة متحجرة لسمكة عمرها 455 مليون سنة عن تشريح جديد في دراسة الفقاريات، ما يسد فجوة معرفية قدرها 100 مليون سنة، والتي قد تكشف لغز تطور البشر.
ولا يزال العلماء يجمعون المعلومات حول كيفية تطور جماجم الفقاريات الحديثة من أسلاف الأسماك القديمة، والتي كانت أول الحيوانات ذات العمود الفقري.
ومنذ مئات الملايين من السنين، كانت الأسماك عديمة الفك تسبح في بحار الأرض، وكانت أدمغتها محمية من الخارج بجلد مدرع، ومن الداخل بصفائح مصنوعة من الغضروف.
وشرحت دراسة سمكة عديمة الفك، كيف أن التطور المبكر للغشاء الواقي لدماغ الفقاريات كان أكثر تعقيداً مما اعتقد العلماء، وفقاً لشبكة CNN.
وقال ريتشارد ديردن، عالم الأحياء القديمة من مركز ناتوراليس للتنوع البيولوجي في هولندا، والمعد الرئيسي للدراسة الجديدة، إن «هذا التشريح يسد فجوة كبيرة في فهمنا لتطور جمجمة جميع الفقاريات».
وشمل التغيير الرئيسي في تاريخ الفقاريات، تطور الجناثوستومات، أو الفقاريات الفكية، من سلالة من الأسلاف عديمة الفك.
ولسوء الحظ، هناك فجوة في السجل الأحفوري بين أقدم الفقاريات والأسماك الحديثة، حيث يعود تاريخ أقدم دماغ فقاري ثلاثي الأبعاد محفوظ إلى حوالي 100 مليون سنة بعد ظهور الفقاريات الأولى.
وتعد الأسماك عديمة الفك في العصر الأوردوفيشي من أقدم الفقاريات المكتشفة حتى الآن، ولكن لا يُعرف سوى القليل عن تشريحها بسبب عدم وجود بقايا مفصلية.
وأضاف ديردن: «في ظاهر الأمر، لا تعتبر Eriptychius أجمل الحفريات. ومع ذلك، باستخدام تقنيات التصوير الحديثة، تمكّنا من إظهار أنها تحافظ على شيء فريد من نوعه: أقدم رأس فقاري محفوظ ثلاثي الأبعاد في السجل الأحفوري».
وباستخدام تقنية الأشعة السينية التي تسمى التصوير المقطعي المحوسب، تمكن فريق البحث من إعادة بناء جمجمة Eriptychius رقمياً من شظايا العظام التي تم اكتشافها في مصفوفة صخرية في هاردينغ ساندستون، كولورادو، في الأربعينات من القرن الماضي.
ويُظهر إعادة بنائها أن لديها نهجاً جديداً في هيكلة الجمجمة، يتناقض مع دماغ السمكة الفكية الحديثة المندمجة.
ومن المحتمل أن تكون هناك مجموعة متناظرة من الغضاريف المعدنية في رأس Eriptychius بين البصلة الشمية ومنطقة العين، ربما ساعدت في حماية الدماغ والأعضاء الحسية.
وهذا مشابه في بعض النواحي لتشريح الأسماك الحية عديمة الفك – تسمى سيكلوستوم – والتي تحتوي على قفص غضروفي مقيد بالكامل يحمل الدماغ. لكن في Eriptychius، لم يتم ربط هذه الغضاريف معا في إطار مفتوح، بل كان تغليف هياكلها منفصلا.
ويعتقد الفريق أن هذه الغضاريف تشكلت من خلايا مختلفة عن تلك الموجودة في دماغ الغضاريف لدى الفقاريات الحية عديمة الفك.
وقد تمثل Eriptychius خطوة في تطور الهياكل التي تميز الدماغ عن أجزاء الرأس الأخرى.
ويشير الباحثون إلى أن سمات الجمجمة هذه قد تعكس الظروف التي تطورت منها الفقاريات الفكية وعديمة الفك.
وقال عالم الأحياء القديمة، إيفان سانسوم، من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة: «هذه نتائج مثيرة للغاية، وقد تكشف عن التاريخ التطوري المبكر لكيفية حماية الفقاريات البدائية لأدمغتها.
إذ يبدو أن هي أول دليل على وجود سلسلة من الغضاريف التي تفصل الدماغ عن بقية الرأس».