عشاء القيادات الفاخر على حساب الشعب المسكين
عبد الباري فياض
في الوقت الذي أعلنت فيه الصحة الفلسطينية عن ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر لعام 2023 إلى 43 ألفاً و972 فلسطينياً، و104 آلاف و8 مصابين، أشارت تقارير صحفية إلى أن قادة حركة “حماس” المقيمين في قطر أقاموا عشاءً فاخراً لمناقشة الصراع الدائر في القطاع.
وكانت الصدمة الكبرى عندما كشف نادل مجهول الهوية، أن المبلغ الذي تم إنفاقه خلال هذا العشاء كان كافياً لترميم منازل ست عائلات في قطاع غزة، فقد شهد العشاء طاولة مزدحمة بأطباق وأصناف مختلفة، بينما يواجه الغزيون مجاعة ويبحثون عن قطرة ماء نظيفة، ويعيشون تحت قصف عنيف مستمر طوال الوقت، وهذا يوضح مدى التناقض الصارخ بين أولويات القيادة في حماس والاحتياجات العاجلة للأسر التي تعاني من الدمار في غزة، فلماذا لا يقوم قادة حماس بتخصيص أموالهم لمساعدة سكان غزة الفقراء؟
ولكنهم اختاروا الاسترخاء في دولة قطر، منعمين بالحياة الراغدة رغم ما يعانيه الشعب من حرب لا ترحم.
وإذا تحدثنا عن أهداف حماس من الحرب فهي تتلخص في كلمة واحدة وهي “العودة للسلطة”، لأن الحركة مريضة بهذا الداء على حساب أي شيء آخر، فبرغم الحرب التي أشعلتها، فقد ظلت قيادات الحركة قابعة في الدوحة، تعيش وتأكل وتنعم بمباهج الحياة، بينما يموت الشعب الفلسطيني في غزة وتيتم الأطفال وتُعذب النساء ويشرد من بقى حيا يصارع الحرب الإسرائيلية التي لا ترحم صغيرا أو كبيرا.
ووفقا للتقارير، فهناك عددًا من أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، وهم إسماعيل هنية الذي اغتاله الإسرائيليون في طهران في الحادي والثلاثين من يوليو/تموز، وموسى أبو مرزوق وخالد مشعل، تبلغ ثروتهم مجتمعة نحو 11 مليار دولار، أما مشعل، الذي قد يصبح الزعيم القادم لحماس، فتبلغ ثروته وحده نحو 3.2 مليار دولار، وهذا المبلغ يكفي لإطعام غزة بأكملها وتوفير المساكن لها، وهذا ما يكشف مدى التناقض الصارخ بين أولويات القيادة والاحتياجات العاجلة للأسر التي تعاني من الدمار.
وتشير بعض التقارير إلى أن القادة الثلاثة عاشوا معظم الوقت في فندق فور سيزونز في الدوحة، الذي يضم حمامين سباحة وشاطئًا خاصًا وجناحًا ملكيًا بمساحة 5300 قدم مربع ويحتوي على ثلاث شرفات وبيانو كبير، وقد استضافت حماس فعاليات في الفندق من قبل، ففي عام 2015، عقد مشعل مؤتمرا صحفيا هناك، كما أقامت المجموعة حفل استقبال في الفندق في عام 2016 مع رئيس الوزراء التركي آنذاك أحمد داود أوغلو.
وكذلك نجل رئيس حماس الراحل إسماعيل هنية الملقب بـ”أبو العقارات” في غزة بسبب محفظته الواسعة من الفلل الراقية وغيرها من الممتلكات، بما في ذلك شقق متعددة في مبنى الزهرانة، مبنى سكني من خمسة طوابق، وشقق في مشروع إسكان قطري في خان يونس، وفيلا بالقرب من ملعب كرة القدم الرئيسي وغير ذلك الكثير.”
وإذا عدنا إلى الفترة ما بين عامي 2014 و2020، فقد أنفقت وكالات الأمم المتحدة، الممولة بالطبع من أموال دافعي الضرائب في الدول الأعضاء، ما يقرب من 3.6 مليار جنيه إسترليني في غزة، وأكثر من 80 في المائة منها تم توجيهها من خلال الأونروا أو وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ولكن الكثير من تلك الأموال لم تصل إلى سكان غزة المحتاجين، بل سرقها قادتهم ــ إما لتمويل أنماط حياتهم الخاصة أو لتحويلها نحو عملهم السياسي.
إن ما قامت به حماس من إقحام الشعب الفلسطيني في حرب شعواء، تظل سيئة لا تغتفر، وكانت نتيجتها هي الموت للشعب والعيش للقيادات التي تصدر التعليمات من الدوحة، وتنعم في مباهج الحياة، بل وتنظم عشاءات فاخرة في أفخم الفنادق، بزعم أنهم منخرطون في نشاط سياسي، ويقومون بالتنسيق مع إيران ضد إسرائيل، إلا أنهم يبحثون عن حياة الرفاهية في الخارج وجمع الثروات، رغم أن هذه التكاليف يمكن ادخارها لإعادة إعمار القطاع وإعادة الفلسطينيين المشردين في رفح ومناطق الإيواء إلى بيوتهم بعد إعادة إعمارها.. ولكن في ظل هذه الظروف، يأتي السؤال الأهم، من يحمي أهالي غزة، ويحافظ على حياتهم ويوفر لهم الحياة الكريمة الآمنة؟.