ضابط إسرائيلي سابق: “منظومة القيادة والسيطرة للجيش الإسرائيلي كلّها انهارت”
القدس المحتلة – المواطن
الصدمة في إسرائيل مستمرة في أعقاب الهجوم الواسع والمفاجئ الذي شنه من قطاع غزة باتجاه “غلاف غزة” مقاتلو حركة حماس، أول من أمس السبت. وحسب تقارير إسرائيلية، فإنه شارك في هذا الهجوم، صباح السبت، 800 – 1000 مقاتل من حماس وانضم إليهم مقاتلون من حركة الجهاد الإسلامي.
ويتبين اليوم، الإثنين، أن القتال بين المقاتلين من القطاع وقوات الأمن الإسرائيلية في قسم من بلدات “غلاف غزة”، وأن المقاتلين يدخلون من القطاع إلى الغلاف عبر عدد كبير من الثغرات في السياج الأمني المحيط بالقطاع وأحكم الحصار عليه. أي أن توغل المقاتلين الفلسطينيين إلى “غلاف غزة” مستمر منذ ثلاثة أيام.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، عن القائد السابق لشعبتي العمليات والتخطيط في الجيش الإسرائيلي، غيورا آيلاند، والذي تولى في الماضي منصب رئيس مجلس الأمن القومي، قوله إن عدم وصول قوات إلى “غلاف غزة” في أعقاب الهجوم مباشرة ولا بعد ساعات طويلة منه، سببه أن “منظومة القيادة والسيطرة للجيش الإسرائيلي كلّها انهارت”.
وأضاف أنه “بعدما جرى مهاجمة معسكرات الجيش الإسرائيلي بداية، وهوجم مقر قيادة فرقة غزة العسكرية، لم يكن هناك أحد يمكن إصدار الأوامر إليه. لا أحد بالإمكان إصدار الأوامر إليه، أو أحد يمكن الحصول منه على صورة للوضع”.
وتابع آيلاند أن “الرد يكون أحيانا وفق ما هو موجود في وعيَك. وبالنسبة للجيش الإسرائيلي، فإنه عندما يوجد رهائن أو مواطنون في بلدات، فهذه مشكلة ينبغي أن تتعامل معها قوات خاصة. فإذا، دعونا ننتظر إلى حين وصول القوات الخاصة”.
واعتبر آيلاند أنه “لا يمكن إنهاء الحرب من دون انتصار على حماس. وهذا أمر لم أقله في حياتي من قبل. وأي شيء أقل من ذلك سيكون رهيبا لدولة إسرائيل”.
وادعى آيلاند أن “العمل الضروري من أجل انهيار حكم حماس والتوصل إلى احتمال، ولو ضئيل، لرؤية عودة رهائننا، هو إذا حدثت في غزة كارثة إنسانية. ولا أخجل في قول ذلك. وإسرائيل تسيطر على الوقود، السولار، الكهرباء، الماء ومعابر للقطاع. وبالطبع لا يتعين على إسرائيل السماح بنقل أي شيء إلى غزة. لكن عليها قطع التواصل بين غزة ومصر”.
وتابع أن “المسألة الثانية هي النقطة الأكثر حساسية في غزة: الماء. مياه غزة تصل من آبار مياه مالحة وغير صالحة للشرب. ولديهم منشآت تحلية مياه. وعلى إسرائيل استهداف جميع هذه المنشآت. وعندما يقول العالم كله إنه جن جنوننا وهذه كارثة إنسانية، سنقول نحن إن هذا ليس الهدف، إنه الوسيلة”.
حسب المحلل العسكري في صحيفة “يسرائيل هيوم”، يوآف ليمور، فإن “مقاتلي حماس تدربوا طوال سنين على اقتحام البلدات الإسرائيلية القريبة من القطاع، وعلى عمليات قتل وأسر رهائن. وطوال سنوات تدرب الجيش الإسرائيلي بالضبط على كيفية مواجهة سيناريو كهذا”.
وأضاف أنه “عندما أصبح هذا السيناريو واقعيا، ضُبطوا متلبسين بفشلهم. تجاوزوا (مقاتلو حماس) السياج بسهولة، في أماكن عديدة، وفيما حماس تُحيّد بسرعة وبنجاعة أي منظومة مراقبة إسرائيلية، وأسرت مراقبات للحدود، وسيطرت على مقر قيادة الفرقة العسكرية وتقدمت من أجل تنفيذ خطتها في المواقع العسكرية والبلدات”.
وأشار ليمور إلى أن “حماس استغلت المعطيات الميدانية حتى النهاية. هاجمت في يوم السبت، في ساعات الصباح الباكر، وفيما القوات الإسرائيلية نائمة ومعظم الضباط في بيوتهم، وفيما الغلاف مزدحم بالمتنزهين، إضافة إلى آلاف المشاركين في حفل عملاق في الطبيعة الذي تحول إلى مصيدة موت جماعية. وكانت حماس شاهدة على العدد الضئيل للقوات الإسرائيلية الذي تم تنفيذه لصالح تعزيزها في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية)”.
وأضاف أنه “نتيجة لهذا الفشل الذريع في الدفاع، لم ينجح الجيش الإسرائيلي بشن هجوم ناجع. وتركيزه كان منصبا على معارك صغيرة، محلية، دارت داخل البلدات، وليس على تفكير منتظم لهجوم جدي”.
ورأى ليمور أنه “في القيادة السياسية – الأمنية الإسرائيلية لم تمكنوا من إدراك، أو أنهم أدركوا ولم يتمكنوا من ترجمة ذلك إلى عملية، أن الجمهور في إسرائيل، وكذلك في المنطقة والعالم، يتابع ما يجري بهلع وغضب ومطالبة واضحة بخطوة غير مسبوقة. وخلافا لحرب يوم الغفران (عام 1973)، التي تلقت خلالها إسرائيل ضربات ولكنها شنت هجوما مضادا فورا، فإنه هذه المرة بقي الملاكم الإسرائيلي على الأرض بدلا من تجميع قواه ويرد بقوة مضاعفة”.
قال مفوض شكاوى الجنود السابق في الجيش الإسرائيلي، يتسحاق بريك، وهو ضابط برتبة لواء في الاحتياط، وحذر في السنوات الماضية من عدم جهوزية الجيش الإسرائيلي لحرب، إنه “كنت محقا لأسفي، وآمل جدا ألا أكون على حق بعد الآن في حال نشوب حرب إقليمية ولا نكون مستعدين لها، فالمأزق عندها سيكون أكبر بكثير. وقبل أن ننتقل إلى الانتقام من حماس، ينبغي التخطيط بشكل مدروس وشن هجوم انطلاقا من فرضية أن عملية عسكرية في غزة يمكن أن تُدهورنا إلى حرب شاملة في خمس جبهات. وقد تنشب حربا إقليمية نتيجة لحرب في غزة”.
وحذر بريك، خلال مقابلة أجرتها معه إذاعة 103FM، من أنه “في الحرب القادمة ستدور حرب قاسية جدا في البر والجو، والجبهة الداخلية الإسرائيلية ستتعرض لآلاف الصواريخ يوميا، والحدود ستشهد آلاف المقاتلين الذين يريدون تجاوزها. لكن سنواجه المأزق الأكبر داخل الدولة. عشرات آلاف المشاغبين سيجرون حاملين أسلحة في أنحاء الدولة، ولم نجهّز أنفسنا لهذا الأمر. ونحن نتواجد اليوم في حالة توتر مرتفع جدا. وخلافا للماضي، يوجد الآن ترابط بين حماس والجهاد وبين ما يحدث في الضفة، والساحات تنسق مع بعضها. وحدث واحد كبير في إحدى الساحات يمكن أن يسبب حربا لا يريدها أحد”.
مناصرو حزب الله يرفعون علما مع صورة قاسم سليماني، في جنوب لبنان وقبالة المطلة، أمس (أ.ب.)
وأضاف بريك أن “تصريح رئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) أمس، كان ينبغي أن يأخذ بالحسبان أن لقوة إيران قدرة على تسوية دولة إسرائيل بالأرض. وعلى رئيس الحكومة والمستوى السياسي الأمني التفكير في كيفية صمود الدولة في حرب إقليمية”.
وتابع أنه “ليس فقط قوات الاحتياط ليست مستعدة لحرب متعددة الجبهات، فقد قلصوا الجيش لوضع لا توجد لدينا قوة فيه لمواجهة خمس جبهات بالتوازي”.
وأشار إلى أنه “أعتقد أن ضربة استباقية ضد حزب الله لن تحقق الإنجاز المطلوب، وإنما ستجلب المنطقة كلها إلى حرب أكيدة، وربما بمشاركة إيران أيضا، وبالتأكيد بمشاركة الميليشيات الموالية لإيران”.