صناعة المنظفات في غزة .. فرصة عمل ولكنها خطيرة
غزة – المواطن
في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، تعيش السيدة سناء (أم خليل 31 عاماً) في منزلها متواضع البناء، الذي قد اتخذت منه هي وزوجها مكاناً لتنشئ مشروعاً صغيراً في صناعة المنظفات؛ ليكون مصدر رزق لها ولأطفالها في ظل أوضاع معيشية سيئة وتنحدر للأسوأ منذ وقوع القطاع في حصار الاحتلال، الذي أعدم كل سبل الحياة أمام الغزيين، فلا عمل ولا أمل تبقى لهم.
تباشر أم خليل يومها في مكان صغير صنعته بمشاركة زوجها بجانب منزلهم المحاط بالنوافذ من جهاته الأربع؛ لتكون بيئة مناسبة لعملهم الذي يعيل 13 فرداً في العائلة.
تجلس محاطة ببراميل وعبوات عديدة ومختلفة الأحجام وعليها كلمات تعبر عن اسم كل صنف للتميز بينها، ورائحة المكان معبأة بمواد التنظيف والمعطرات، أما في زاوية المكان يوجد صنبور للمياه، كي تساعد في خلط المواد، حيث المكان مكون من بوابتين البوابة الأولى مساحة لعرض ما تم صنعه، والثانية لخلط المواد وفق معادلة كيميائية محددة بمعايير كل مادة لتخرج بمادة فعالة.
خاضت أم خليل في غمار العمل بصناعة المنظفات داخل منزلها منذ حوالي ثماني سنوات بخبرة زوجها الحاصل عليها خلال عمله في مستوطنات الاحتلال الإسرائيلي، والذي قام بتدعيمها بتلقيه دورة بذلك المجال؛ ليكون عمله آمنا وبمعايير علمية وصحية.
وأشارت إلى أن بداية عملهم في صناعة المنظفات كمشروع يعيل أسرتها كان ناجحاً إلى حد ما، وكان دخل رئيسي لهم حيث تمكنوا من كسب ثقه الزبائن من ربات المنزل و الباعة في البقالات لشراء ما ينتجوه من منظفات الأواني والملابس والأرضيات كونهم يصنعوها بفعالية لا تختلف عن المنتجات التجارية وبسعر يقل عنها ويناسب العائلات الفقيرة.
وتقول أم خليل: “في بدايتنا كان المشروع ناجحاً وكان يدر علينا بدخل يغطي احتياجاتنا المعيشية كونه كان يتميز بندرته على العكس من الوضع الحالي، حيث انتشرت واصبحت ظاهرة في ظل التضييقيات الخانقة على قطاع غزة”.
ونوهت إلى أنهم قاموا بترخيص المشروع، فكان شرط الجمعية التي مولتهم بالمواد الخام لصناعة المنظفات لمرة واحدة فقط وبالرغم من ذلك لم تتوجه اليهم أي جهة من الرقابة الصحية للتأكد من التزام الزوجين بالمعايير الصحية التي قد تضر بهم او بالمستفيدين منهم.
وعن مدى تفاعل سكان قطاع غزة، مع تلك المنظفات اليدوية تقول السيدة ام ياسر (51عاماً)، قائلاً: “إن ظهور تلك الصناعه وبجودة لا تقل عن المنظفات المصنوعة آلياً وبأسعار تصل إلى أقل من نصف سعرها، وفر الكثير على بيتي خاصة انني ك ام وربة منزل استهلك الكثير من المنظفات يوميا”.
وفي ذات السياق، أوضحت نجوى الفرا مديرة مركز نوار التربوي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر في خانيونس جنوب قطاع غزة انه تم عقد دورتين منفصلتين حول صناعه المنظفات للسيدات على يد خبير كيميائي ودكتور في جامعة الازهر وكان الهدف منهم تشغيلهم واكسابهن خبرات وتمكينهم من فتح مشروع لتحسين وضعها الاقتصادي، بالإضافة الى ذالك نشر الوعي بين السيدات لتلافي المواد الخطرة.
وأضافت: “هنالك أكثر من سيدة بعد الانتهاء من الدورة قامت بفتح مشروع خاص بها لإعالة نفسها وعائلتها وكنا قد حققنا هدفنا المرجو من خلق فرص لتحسين الاوضاع المعيشية للعوائل”.
وطالبت الفرا، في ظل انتشار صناعة المنظفات المنزلية بكثرة أن يكون هناك رقابة من وزارة الصحة على أن وفاعلية تلك المنتجات كي لا تضر بصحة المواطنين واصابتهم بأمراض جلدية.
يشار الى ان مركز نوار التربوي هو مركز خاص بتنشيط الاطفال ورعايتهم، وتاتي تلك الدورات ضمن ملتقى نوار الاسري الذي يهدف الى زيادة وعي الاسرة واكساب الام بمهارات تعينها على تربية اطفالها بطريقه سليمة وعلى تشغيل نفسها.
ومن جانبه، أكد الاداري في وزارة الصحة هاني الجعفراوي، أنه بالتعاون مع وزارة الاقتصاد يتم اخذ عينات من الشركات المنتجة والموزعه للادوات التي تدخل بعمليه صناعة المنظفات وان هناك غرامة مالية تصل الى 800 شيكل لمن يتبين خلل في عمليه فحص عينته مع اعادة التصحيح عليها و ذلك حرصاً منها على سلامة المستهلكين.
يشار إلى أن التفاوت في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة لا يزال كبيراً، حيث انخفض معدل البطالة بالضفة الغربية مقابل ارتفاع ملحوظ في قطاع غزة، فقد بلغ معدل البطالة حوالي 18% في الضفة الغربية في عام 2018 مقارنة مع حوالي 19% في عام 2017، في حين بلغ المعدل حوالي 52% في قطاع غزة في عام 2018 مقارنة مع 44% في عام 2017 وفق تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
… منقول