صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات المصرية التركية تتم كتابتها اليوم مع زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى أنقرة بدعوة من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى إطار التحركات الجارية بين البلدين للتأسيس لمرحلة جديدة من الصداقة والتعاون المشترك، سواء على المستوى الثنائى أو الإقليمى فى ظل وضع مضطرب تشهده منطقة الشرق الأوسط.
ويعد الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للعلاقات الاستراتيجية بين مصر وتركيا منصة موسعة مهمة يتم من خلالها بحث سبل الارتقاء بالعلاقات لآفاق أرحب وتعزيز التعاون الاستراتيجى والسياسى بين البلدين خلال الفترة المقبلة، وهو ما تعول عليه شعوب المنطقة التى تدرك الدور الفاعل والمحورى لمصر وتركيا فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والمشرق العربى.
وستتصدر المباحثات سبل الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية وضخ المزيد من الاستثمارات التركية فى مصر التى تشهد نهضة عمرانية ومستقبل واعد فى ضوء تحركات القاهرة للتركيز على تحسين فرص الاستثمار الواعدة فى البلاد التى قدمت تسهيلات غير مسبوقة لكل مستثمر أجنبى يسعى للاستثمار فى مصر بتوفير بنية تحتية واعدة، سن تشريعات تسهل عملية الاستثمار، وتطبيق استراتيجية الشباك الواحد لإنهاء كافة المعاملات الخاصة بالمستثمرين.
إقليميا، ستركز مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسى مع نظيره التركى على القضية الفلسطينية مع استمرار العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والضفة الغربية، والمخطط الإسرائيلى الخبيث بوأد حل الدولتين وعمل حكومة بنيامين نتنياهو على التنصل من أى اتفاق لإنجاز صفقة لتبادل الأسرى، والعراقيل التى تضعها إسرائيل أمام الوسطاء لعدم الالتزام باتفاق لوقف الحرب على غزة.
التنسيق المصرى التركى سيكون مهم فى تشكيل محور إقليمى قوى ضد الإجرام الإسرائيلى وسعى حكومة نتنياهو لإحراق منطقة الشرق الأوسط من أجل أهداف شخصية وسياسية، وهو ما يتطلب تفاعلا إقليميا يتمثل فى وضع رؤية مشتركة تحفظ أمن واستقرار الدول العربية لإجهاض مشروع الصهيونية الذى يخطط لابتلاع دولنا العربية بذرائع كاذبة وهاوية.
تحظى الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية فى ليبيا باهتمام مصر وتركى مشترك فى ظل دعم الدولتين لضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى أقرب وقت ممكن، والدفع نحو إرساء الأمن والاستقرار والتركيز على دعم ليبيا فى مشاريع إعادة الاعمار خلال الفترة المقبلة، ورفض أى تحركات أحادية تؤثر على المسارات السياسية والاقتصادية والعسكرية المنبثقة عن مؤتمر برلين 2 الذى يمثل أرضية اتفاق جنيف الذى أفرز السلطة التنفيذية منتهية الولاية فى البلاد.
وتتمسك مصر بموقفها الداعى لضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية والموقع فى جنيف 2020 والدفع نحو توحيد المؤسسة العسكرية الليبية وتفعيل القرارات الأممية الصادرة بالخصوص خاصة القرارين 2571و 2572.
ويعد الوضع فى سوريا أحد أبرز الملفات التى سيجرى النقاش حولها وسبل تفعيل عمل اللجنة الدستورية المصغرة المشكلة برعاية الأمم المتحدة كى تستأنف اجتماعاتها للاتفاق على إطار دستورى يتم الاستناد عليه فى أى تحرك لحل الصراع الممتد لأكثر من 10 سنوات، والتشاور حول آلية الحفاظ على المقدرات الوطنية للدولة السورية والالتزام بسيادة البلاد، ورفض أى محاولات أجنبية لفرض مخططات تحاول أن تفرض أجندة خاصة فى الأراضى السورية.
التحركات التى قادتها روسيا خلال الفترة الماضية لتصفير المشكلات بين الرئيسين السورى والتركى تحتاج إلى طرف عربى قوى وفاعل قادر على الدفع نحو حل الأزمة بين سوريا وتركيا، والتأكيد على أهمية الأمن والاستقرار وتحرير سوريا من قبضة الجماعات المتطرفة التى تشكل تهديدا لتركيا نفسها وبعض الدول العربية ومنها الأردن والعراق.
التحركات المصرية التركية المشتركة والتنسيق المشترك خلال الفترة المقبلة يحتاج لتنفيذ تنفيذ مشروعات مشتركة فى مجال الصناعات الدفاعية بين البلدين، والتعاون فى مجالات الطاقة لا سيما الغاز الطبيعى والطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات.
الوضع فى أفريقيا من الملفات الحيوية والمحورية التى تهم مصر وتركيا فى ظل تحركات قوى إقليمية وغربية لفرض واقع أمنى وعسكرى جديد بتقسيم دولة الصومال، وتتفق الرؤى المصرية والتركية فى الصومال بضرورة تدريب قوات الجيش والشرطة لمجابهة الجماعات المتطرفة وفى مقدمتها حركة الشباب وإجهاض أى مشروعات خبيثة للسيطرة على أجزاء من سواحل دولة الصومال الشقيقة، وسيحظى الملف بنقاشات موسعة بين الرئيس السيسى ونظيره التركى رجب طيب أردوغان.
التعاون والتنسيق بين الدول لتحقيق التنمية والمستدامة من أهم مجالات التعاون التى تمثل رافدا ودافعا قويا لتعزيز العلاقات بين الدول، استراتيجية التنمية والاستقرار والبناء أفضل بكثير من الحروب والصراعات والنزاعات التى تؤدى لإزهاق أرواح الآلاف الأبرياء من المدنيين والعسكريين ورجال الأمن.