زار السعودية وقطر.. هل يسعى الحلبوسي لترتيب البيت السني العراقي؟
الدوحة – المواطن
أثارت تحركات رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي الأخيرة، وجولته الخليجية غير المعلنة مسبقاً، التي شملت السعودية وقطر، الكثير من التساؤلات حول طبيعتها وأهدافها، لكونها تزامنت مع بوادر خلافات سياسية بين بعض قيادات السنّة حول تصدّر المشهد في العراق.
زيارة السعودية
وتأتي الزيارة التي أجراها رئيس البرلمان العراقي للسعودية في 16 أبريل 2023، بعد خلافات مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني من جراء تأخر إقرار الموازنة العامة، وعدم التزام الحكومة بورقة الاتفاق السياسي.
وشهدت زيارة الحلبوسي إلى المملكة لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وإجراء مباحثات في جدة، شملت العلاقات الأخوية بين البلدين، دون مزيد من التفاصيل.
وبعد يوم من لقائه الحلبوسي استقبل ولي العهد السعودي، في جدة، زعيم تيار الحكمة في العراق عمار الحكيم، وجرى خلال الاستقبال استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
من جانبه قال الحكيم، في حسابه على “تويتر”، إن محادثاته مع بن سلمان تناولت وجهات النظر حول تطورات المشهد السياسي في العراق والمنطقة، والعلاقات البينية بين بغداد والرياض.
ونقل موقع قناة “روسيا اليوم” عن مصدر سياسي عراقي، مطلع أبريل الجاري، عن تبني الحكيم جلسة صلح بين رئيسي الحكومة والبرلمان.
وأوضح المصدر للوكالة الروسية أن “خلافات كبيرة شهدتها الفترة الماضية بين رئيسي الحكومة والبرلمان، لكن الحكيم تبنى عملية الصلح بينهما”.
يشار إلى أن الخلافات تصاعدت بعد تخلي السوداني عن ورقة الاتفاق السياسي التي جاءت به إلى رئاسة الحكومة، ومن أبرز مضامينها عودة النازحين والعفو العام.
زيارة قطر
وكشفت تقارير إعلامية عن زيارة غير معلنة أجراها الحلبوسي إلى قطر بعد مغادرة السعودية بهدف لملمة الخلافات مع حليفه رئيس تحالف “السيادة”، خميس الخنجر، الذي كان في الدوحة.
وأكّد النائب السابق مشعان الجبوري، في تغريدة على “تويتر”، وجود وساطة قطرية لترطيب الأجواء بين الحلبوسي والخنجر، لكنها لم تتكلل بالنجاح.
وأشار الجبوري إلى أن الحلبوسي وصل إلى قطر في 16 أبريل الجاري، وطلب من رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني التوسط لحل الخلاف بينه وبين الخنجر، لكنّ الأخير غادر الدوحة.
ويشير مراقبون إلى أن الخلافات بين الحلبوسي والخنجر تصاعدت بعد محاولة الأخير تشكيل تحالف جديد تحت اسم “الإطار التنسيقي السني”، لتوحيد المواقف وإجبار شركائهم في “الإطار التنسيقي الشيعي” على تنفيذ التفاهمات السابقة.
الإطار السنّي
ويسعى رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، لإقناع قيادات سياسية سُنّية بمشروعه لتشكيل تحالف سُنّي في مواجهة الإطار الشيعي الذي يهدد بإقالته.
وقال رئيس البرلمان العراقي الأسبق أسامة النجيفي، خلال مقابلة تلفزيونية في 10 أبريل الجاري: إن “دعوات الحلبوسي لتشكيل إطار سياسي سنّي هدفها تقوية موقعه الحالي، خاصة بعد توقّع صدور شيء ضدّه خلال الفترة المقبلة”.
وكشف النجيفي عن وجود “خلافات داخل تحالف السيادة، وأيضاً بين السوداني والحلبوسي بخصوص التدخّل في الأمور التنفيذية للدولة من قِبَل رئيس البرلمان”.
ونقلت وكالة “شفق نيوز” العراقية، في 10 أبريل 2023، عن قيادي بارز في حزب “تقدم” الذي يتزعمه الحلبوسي، أن رئيس مجلس النواب وجه دعوة لجميع القيادات السياسية السنية في العراق، السابقة والحالية، لعقد اجتماع في بغداد، لكنها لم تحظَ بتجاوب كبير.
وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “الهدف من دعوة الحلبوسي هو بحث إمكانية تشكيل (الإطار التنسيقي السني) حتى يكون قادراً على مواجهة (الإطار التنسيقي الشيعي) سياسياً، ويكون قادراً على فرض تطبيق شروط ومطالب القوى السياسية السنية، بعد توحيد البيت السني تحت سقف واحد، كما عمل على ذلك البيت السياسي الشيعي”.
وأقر القيادي المقرّب من الحلبوسي بأن غالبية القيادات السنية البارزة رفضت فكرة تشكيل “الإطار التنسيقي السني” لكنه يواصل محاولاته لإقناع أكبر عدد من تلك القيادات.
أسباب الزيارة
ويرى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، الدكتور إحسان الشمري، أن الحلبوسي أراد أن يظهر من خلال جولته الخليجية على أنه زعيم سني، ويحاول أن يحظى بدعم الدول الخليجية بالتحديد.
وبين، في حديثه مع “الخليج أونلاين”، أن “زيارة السعودية قد تختلف عن زيارة قطر، حيث إن الأولى جاءت في إطار بروتوكولي أكثر مما هي في إطارها السياسي، على العكس من زيارة قطر التي ساهمت بشكل كبير جداً، مع تركيا، على تنظيم وترتيب البيت السياسي السني، وتقريب وجهات النظر ما بين محمد الحلبوسي وخميس الخنجر”.
وأوضح الشمري أن “زيارة قطر تأتي في الوقت الذي يشهد تحالف السيادة اختلافات في وجهات النظر، فأراد الحلبوسي ضمان بقاء الخنجر ضمن التحالف، خاصة أن الإطار التنسيقي يعمل على تفتيت تحالف السيادة من خلال تقويض نفوذ الحلبوسي ومن ثم عزله من رئاسة البرلمان”.
ويعتقد المحلل السياسي أن السعودية “تعد داعمة للتقارب ما بين وجهات النظر، حيث تستشعر أن الاستقرار في العراق مهم جداً وينعكس على المنطقة وعلى تنمية العلاقات ما بين العراق من جهة والمنظومة الخليجية من جهة أخرى، لكن المملكة لن تتدخل في الشؤون الداخلية العراقية، أو حتى أن تكون طرفاً في الصراعات ما بين الأحزاب الشيعية والسنية”.