أخــبـــــارخاص المواطن

رحيل مجد .. حين يترك الشهيد أثرًا لا يزول في ذاكرة الأحبة

غزة – المواطن

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي، موجة واسعة من التفاعل والحزن بعد استشهاد الشاب الفلسطيني مجد سعيد جودة شمال قطاع غزة.

وقد جاء استشهاده إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة، ضمن استمرار حرب الإبادة الدموية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.

مجد سعيد جودة، الذي وُلد وترعرع في شمال القطاع، كان مثالًا للشاب الفلسطيني الطموح والمحبوب بين أقرانه. معروف بطيبة قلبه وحسن تعامله مع الجميع، عبّر أصدقاؤه عبر منشوراتهم على فيسبوك عن حزنهم العميق لفقدانه، واصفين إياه بأنه “شهيد الأخلاق والإنسانية”.

مواقع التواصل الاجتماعي ضجّت بصور الشهيد ورسائل الوداع. العديد من النشطاء تداولوا قصصًا عن حياته، معتبرين رحيله خسارة كبيرة لعائلته ومجتمعه. أحد أصدقائه كتب: “مجد لم يكن مجرد صديق، كان أخًا للجميع، بابتسامته الدائمة وحبه للحياة. استشهد لكن ذكراه ستظل خالدة في قلوبنا.”

كما شارك العديد من النشطاء مقاطع فيديو وصور تُظهر لحظات من حياة الشهيد، مترافقة مع دعوات بالصبر والسلوان لعائلته.

الإعلامي عبد الحميد عبد العاطي، رئيس تحرير قناة المواطن، كتب كلمات نعى فيها الشاب مجد جودة، الذي استشهد شمال قطاع غزة، واصفًا إياه بـ”الشب الجدع”، وهو تعبير شعبي يشير إلى النبل والشهامة.

في منشوره المقتضب، لخص عبد العاطي معاني الحزن والفقد، مؤكدًا أن استشهاد مجد هو خسارة حقيقية، ليس فقط لعائلته وأصدقائه، بل للمجتمع الفلسطيني بأكمله الذي عرفه كشاب مخلص وخلوق.

من جانبه، كتب الناشط خالد راسم كلمات مؤثرة تختصر عمق الفاجعة التي تركها رحيل مجد في قلوب محبيه.

خالد وصف يوم استشهاد مجد بأنه نهاية للصباحات المشرقة، مشيرًا إلى أن فقدانه ليس فقط خسارة صديق، بل خسارة إنسان جسّد معاني الطيبة والأصالة والشهامة. في كلماته، عبّر عن علاقة وطيدة ربطته بمجد، مشيرًا إليه بـ”رفيق النزوح والصبر والصمود”، ومذكّرًا بتضحياته وحسن خلقه الذي جعله محبوبًا لدى الجميع.

لم تقتصر كلمات خالد على وصف مجد فقط، بل امتدت لتشمل والده الدكتور سعيد، الذي يعتبر مثالًا حيًا على العطاء والإخلاص. أشار إلى أن الدكتور سعيد، رغم تقاعده، ظل يخدم أبناء شعبه في أحلك الظروف، مؤكدًا أن هذه الأخلاق الحميدة لم تكن غريبة على مجد، الذي سار على خطى والده.

في كلماته، توجه خالد بالعزاء لنفسه ولكل من عرف مجد، موجهًا دعواته بالصبر لعائلة الشهيد، وخص بالذكر أخيه خالد، معبرًا عن حجم الحزن الذي غمر قلوب الجميع في قطاع غزة.

ختم خالد رسالته بعبارات مليئة بالحزن: “وداعًا يا طيب القلب، وداعًا يا حبيبي، وداعًا وإلى لقاء قريب.”

وفي كلمات تقطر ألمًا وحزنًا، نشر الناشط أمين عابد منشورًا يرثي فيه الشهيد مجد سعيد جودة، الذي وصفه بأنه لم يكن مجرد صديق، بل كان “ابنه وأخاه الصغير”.

بكلمات مليئة بالمشاعر، روى أمين تفاصيل العلاقة العميقة التي جمعته بمجد، وذكرياته التي تختصر حبه الكبير وارتباطه الوثيق بالشهيد.

تحدث أمين عن مكانة مجد في حياته، مشيرًا إلى أنه كان يعتبره ابنه الذي “شب على يديه”، وشخصًا لا يتخذ أي قرار في حياته دون استشارته. من اختيار الدراسة والعمل إلى تفاصيل صغيرة كشراء هاتف أو الإقلاع عن التدخين، كان مجد يعتمد عليه بشكل كامل.

أظهر أمين جانبًا إنسانيًا من شخصية مجد، حيث وصفه بالمشاكس المحب للحياة، الذي كان يتحدى والده أحيانًا، ويطلب دائمًا دعمه في المواقف الصعبة. كان يعتبر أمين مرجعه وصديقه المقرب الذي يلجأ إليه في كل وقت، حتى في المواقف البسيطة مثل طلب سيجارة أثناء الجلوس مع أصدقائه.

كشف أمين تفاصيل عن حياة مجد قبل استشهاده، مشيرًا إلى أنه كان يتعرض لتهديدات مستمرة تطالبه بالالتزام بمنزله. قبل الاجتياح الأخير في جباليا، تحدث أمين مع والد مجد وأخيه خالد عن ضرورة إيجاد عمل له، كجزء من محاولة حمايته من تلك التهديدات، لكنه لم يكن يتخيل أن القدر كان أسرع من أي خطة.

روى أمين اللحظات المؤلمة التي علم فيها باستشهاد مجد. استيقظ بشعور غريب، واتصل بخالد الذي أخبره أن مجد مصاب، ليحاول أمين التواصل مع المستشفى دون جدوى. عندما تأكد الخبر أخيرًا، عجز عن إيجاد الكلمات لإخبار خالد، الذي انهار فور سماع الخبر.

اختتم أمين منشوره برسالة مليئة بالحسرة والشعور بالذنب، حيث اعتذر لمجد لأنه لم يستطع حمايته أو تقديم شيء له في لحظاته الأخيرة. بكلمات موجعة، قال: “حبيبي يا مجد، تحملت كثير عشاني ومعي، وما قدرت أخدمك ولا أطمن عليك. سامحنا يا أخي.”

كلمات أمين عابد ليست مجرد رثاء لشهيد، بل شهادة على تأثير مجد في حياة من حوله. في كل سطر كتب أمين تفاصيل تعكس عمق العلاقة بينهما وحجم الخسارة التي شعر بها. “رحمك الله يا مجد، كنت وما زلت بألف رجل.

وعبر الناشط يحيى حلس عن حزنه العميق بفقدان محمد جودة، معبرًا عن شعوره بالألم والصدمة عبر هذه الكلمات المؤثرة قائلا: “يا اللللللله يا مجد سعيد جودة يا ريتني ما فتحت الفيس ،، رحمة الله عليك يبو قلب طيب مجد شه،،يد”.

أما ريتا أبو سيدو فقد عبّرت عن ألمها العميق لفقدانه، في كلمات تُجسد مشاعر الفقدان والعجز عن استيعاب رحيل إنسان جمع بين خفة الظل والأخلاق العالية.

ريتا استهلت كلماتها بالإشارة إلى ألم الشهيد الذي عاشه في ظل العدوان على نفسه وأهله، مؤكدة أن هذا القهر لم يترك مجالًا إلا للرحيل بشرف الشهادة. بقولها: “مُلجمين ومش قادين نستوعب”، عبّرت عن الصدمة الكبيرة التي غمرت الجميع لفقدان شخصية محبوبة وثابتة كـمجد.

وصفت ريتا الشهيد بأنه كان خفيف الظل، يتمتع بأخلاق عالية وثبات نادر، مؤكدة أن من عرفه سيظل يتحدث عن سمو شخصيته وإنسانيته على مرّ السنين. بكلماتها المؤثرة، تخيلت اللقاء بين الأحبة في السماء، حيث سيكون مجد حاضرًا بروحه الطاهرة.

رغم الحزن الذي أبدته في كلماتها، حاولت ريتا مواساة نفسها ومن حولها بفكرة أن الشهيد الآن في راحة وسعادة أكبر مما يمكن للعالم البائس أن يمنحها، مستسلمة لرحمة الله وعدله في استقبال الشهداء.

رثاء ريتا أبو سيدو لم يكن مجرد كلمات وداع، بل كان شهادة على التأثير الإيجابي الذي تركه الشهيد مجد جودة في قلوب من عرفوه. في أوقات كهذه، تبرز قوة الكلمة في تخليد ذكرى الشهداء وإبقاء أرواحهم حية بيننا.

وختمت ريتا قائلة: “في رحمة الله يا مجد، أحنّ عليك وأرحم من هذا العالم.”

الناشط عبد ماضي، استهل كلماته بتعبير مؤلم يحمل دلالات رمزية عميقة، متهمًا الاحتلال وأطرافًا أخرى بتدمير ما تبقى من جمال في غزة، بقوله: “يبدو أن الاحتلال وحماس اتفقوا يقضي بإقتلاع أجمل ورود بستاننا.” هذا التشبيه يلخص شعور الحزن على فقدان مجد، الذي مثّل براءة وحيوية الشباب الفلسطيني.

تحدث عبد عن نشأة مجد، الذي وُلد يتيماً لكنه نهل من عظمة والده الدكتور سعيد جودة. وصفه بأنه الابن البار الذي ظل إلى آخر لحظة بجانب والده، والذي كان ظهوره الأخير وهو ينقل والده المصاب، في صورة اختصرت معاني البر والإيثار التي عاشها الشهيد.

ذكر عبد والد الشهيد، الدكتور سعيد جودة، الذي عمل في مستشفى كمال عدوان ولم يتوقف يومًا عن خدمة أبناء غزة، مشيرًا إلى أن هذه الروح الخدمية انعكست في شخصية مجد، الذي كان مرآة لأخلاق والده.

في ختام كلماته، توجه عبد برسالة عزاء خاصة إلى شقيق الشهيد، خالد جودة، داعيًا له بالصبر على هذا الفقدان الأليم، ومعتبرًا رحيل مجد خسارة كبيرة ليست فقط للعائلة، بل لكل من عرفه وأحبّه.

عبارات عبد ماضي المليئة بالحزن تعكس حجم الألم الذي خلّفه استشهاد مجد جودة، لكنها أيضًا تسلط الضوء على الإرث الإنساني الذي تركه الشهيد في قلوب الجميع. “الله يرحم روحك يا مجد ويجعل مثواك الجنة.”

استشهاد مجد سعيد جودة يُعيد التأكيد على حجم المأساة التي يعيشها قطاع غزة تحت وطأة العدوان المستمر الذي يأبى أهله إلا أن يخلدوا ذكرى الشهداء لتبقى حية في ذاكرة الأجيال.

رحم الله الشهيد مجد جودة وأسكنه فسيح جناته، وألهم عائلته الصبر والسلوان.

زر الذهاب إلى الأعلى