أخبار العالم

خفايا وأسرار تتبع “إسرائيل” لقادة حزب الله .. حرب استخباراتية لسنوات

القدس المحتلة – المواطن

منذ تكثيف إسرائيل لغاراتها على مواقع حزب الله ابتداءً من أيلول الماضي، وتصفية أبرز قياداته.

أصبح جليًا حجم الخرق والتغلغل الاستخباراتي داخل صفوف الحزب المدعوم من إيران.

في 27 أيلول 2023، كان أمين عام حزب الله الشهيد حسن نصر الله مختبئًا داخل معقل للحزب على عمق 40 قدمًا تحت الأرض.

تجاهل النصيحة

نصحه مساعدوه بالانتقال إلى مكان أكثر أمانًا، لكنه تجاهل النصيحة، واعتقد نصر الله أن إسرائيل لن تسعى إلى إشعال حرب شاملة.

لكن ما لم يكن يعلمه هو أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية كانت تراقب تحركاته بشكل مستمر.

بما في ذلك تجميعها لمعلومات استخباراتية حول مكان اختبائه.

في ذلك اليوم، قصفت طائرات “إف-15” الإسرائيلية موقعه، مما أدى إلى تدمير المخبأ ودفن نصر الله وعدد من كبار قادة الحزب تحت الأنقاض.

وتم العثور على جثة نصر الله في اليوم التالي، حيث لقي هو وجنرال إيراني متمركز في لبنان حتفهما بسبب الاختناق.

اغتيال قادة الحزب

وقد تعرض حزب الله لعدة ضربات قاصمة تجلت في اغتيالات لعدد من كبار قادته.

بدءًا من فؤاد شكر، الذي يُعد من الجيل المؤسس للحزب وأحد أبرز قادته العسكريين.

ذلك في ضربة استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 تموز 2024.

كما كشف أكثر من 20 مسؤولًا إسرائيليًا وأميركيًا وأوروبيًا حاليين وسابقين، أن المخابرات الإسرائيلية تمكنت من رصد لقاءات شكر مع عشيقاته الأربع حسب زعم المسؤولين.

فضلاً عن مكالماته لاحقًا معهن لإبرام عقود زواج عبر الهاتف، برعاية هاشم صفي الدين حسب ادعائهم ، والذي كان يُعتبر مرشحًا لخلافة زعيم الحزب حسن نصرالله.

لكن صفي الدين أيضًا اغتيل في 3 تشرين الأول 2024 بغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ليكتمل بذلك مسلسل اغتيالات قيادات الحزب.

تجنيد أشخاص

وقد كشفت المعلومات كيف تمكن جهاز الموساد من تجنيد أشخاص في لبنان لزرع أجهزة تنصت داخل مخابئ حزب الله وتتبع اجتماعات كبار القادة.

وقد أظهرت المعلومات كيف كانت لدى إسرائيل رؤية شبه دائمة لتحركات قادة الحزب على مدار سنوات.

منذ عقدين

وتبين أن هذه الاختراقات الاستخباراتية كانت قد بدأت منذ عقدين من الزمن. ففي عام 2012.

حيث قامت الوحدة 8200 الاستخباراتية الإسرائيلية بسرقة كنز من المعلومات.

والتي تضمنت تفاصيل عن المخابئ السرية لقادة الحزب وترسانة الأسلحة من الصواريخ والقذائف، وكذلك مواقعها.

كما كشف ثلاثة مسؤولين إسرائيليين سابقين أن إسرائيل زرعت أجهزة تعقب على صواريخ فجر التابعة لحزب الله.

مما أعطاها معلومات دقيقة عن مواقع الذخائر المخبأة داخل القواعد العسكرية السرية والمنشآت المدنية.

وفي حرب 2006، قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف تلك المواقع وتدمير الصواريخ.

وعندما انتهت حرب تموز 2006، كانت لدى إسرائيل ملفات تحتوي على أهداف لنحو 200 من قادة حزب الله وعناصره.

بالإضافة إلى مخازن أسلحته ومواقع صواريخه، ومع مرور الوقت، وخاصة في أيلول 2024، كانت إسرائيل قد جمعت معلومات عن عشرات الآلاف من أهداف الحزب.

اغتيالات 2024

وقد استمر مسلسل الاغتيالات في الفترة الأخيرة، حيث اغتالت إسرائيل في 30 تموز 2024 فؤاد شكر، أحد القادة المؤسسين للحزب.

وفي 20 أيلول 2024 اغتالت إبراهيم عقيل، قائد وحدة الرضوان، الذي كان يُعتبر الرجل الثاني عسكريًا في الحزب بعد شكر، بالإضافة إلى 16 آخرين من الوحدة.

وفي 24 أيلول 2024، تم اغتيال إبراهيم قبيسي، قائد وحدة الصواريخ في الحزب، كما تم اغتيل محمد سرور، قائد الوحدة الجوية في 26 أيلول.

ثم نبيل قاووق، العضو في المجلس المركزي للحزب والمسؤول عن الأمن، في 28 أيلول 2024.

تخريب من الداخل

وتواصل إسرائيل استهداف القيادات المتبقية لحزب الله، في ظل تقارير تؤكد أن لدى المخابرات الإسرائيلية معلومات استخبارية شاملة ودقيقة عن تحركات الحزب وقياداته.

ما يشير إلى اختراق استخباراتي عميق طال جميع جوانب الحزب.

كانت قد ضعت إسرائيل خططاً لتخريب حزب الله من الداخل، سعياً لاكتساب ميزة في حرب محتملة معه.

وبالفعل، تبنّت الوحدة 8200 الإسرائيلية و”الموساد” خطة لتزويد حزب الله بأجهزة مفخخة.

كما يمكن تفجيرها في توقيت مستقبلي، طبقاً لما أفاده ستة مسؤولين دفاعيين إسرائيليين حاليين وسابقين.

وداخل مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي، عرفت الأجهزة باسم “الأزرار”، والتي يمكن تنشيطها في اللحظة التي تختارها تل أبيب.

واتسم تصميم وإنتاج “الأزرار” ببساطة نسبية، وأتقن المهندسون الإسرائيليون وضع متفجرات “PETN” داخل بطاريات الأجهزة الإلكترونية، ما حوَّلها إلى قنابل صغيرة.

تفجيرات البيجر

أما العملية الأصعب فكانت من نصيب “الموساد”، الذي خدع الجماعة لما يقارب العقد، ودفعها إلى شراء مُعدات عسكرية وأجهزة اتصالات من شركات وهمية إسرائيلية.

وفي عام 2014، اغتنمت إسرائيل الفرصة عندما توقفت شركة التكنولوجيا اليابانية «iCOM» عن إنتاج أجهزة الاتصال اللاسلكية الشهيرة «IC-V82».

كانت الأجهزة، التي جرى تجميعها، في الأصل، في أوساكا باليابان، شائعة جداً لدرجة أن النُّسخ المقلَّدة كانت تُصنع بالفعل في جميع أنحاء آسيا.

وتُباع في المنتديات عبر الإنترنت، وفي صفقات بالسوق السوداء.

ونما إلى علم الوحدة 8200 أن «حزب الله» يبحث تحديداً عن الجهاز نفسه لتجهيز جميع قواته في الخطوط الأمامية.

ذلك وفق سبعة مسؤولين إسرائيليين وأوروبيين. وصممت الميليشيا حتى سترة خاصة لقواتها، مع جيب صدر مصمم خصوصاً للجهاز.

وبالفعل، شرعت إسرائيل في تصنيع نُسخها الخاصة من أجهزة الاتصال اللاسلكية، مع إدخال تعديلات صغيرة.

بما في ذلك تعبئة المواد المتفجرة في بطارياتها طبقاً لثمانية مسؤولين إسرائيليين وأميركيين حاليين وسابقين.

ووصلت أولى النُّسخ الإسرائيلية الصنع إلى لبنان عام 2015، وجرى شحن أكثر من 15.000 نسخة، في نهاية الأمر، طبقاً لما أفاده بعض المسؤولين.

ضابطة الموساد

في عام 2018، وضعت ضابطة في “الموساد” خطة لزرع مادة متفجرة في بطاريات أجهزة الـ”بيجر”، لكن تم تأجيلها


بسبب قلة استخدام حزب الله لهذه الأجهزة.

وعلى مدى السنوات التالية، ازداد حذر الحزب وإيران من استخدام الهواتف الذكية بسبب قدرة إسرائيل المتزايدة على اختراقها.

وهو ما دفع إسرائيل إلى نشر شائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة الخوف بين حلفاء الحزب.

كرد فعل، قررت قيادة حزب الله استخدام أجهزة الـ”بيجر” الأكثر أماناً، التي لا تكشف عن الموقع ولا تحتوي على كاميرات أو ميكروفونات قابلة للاختراق.

وعليه، بدأ حزب الله في البحث عن أجهزة “بيجر” قوية، بينما عملت الاستخبارات الإسرائيلية على بناء شبكة شركات وهمية لتزويد الحزب بتلك الأجهزة.

في أيار 2022، تم تسجيل شركتين وهميتين في المجر وبلغاريا، حيث قامت شركة “BAC Consulting” بشراء ترخيص من العلامة التجارية التايوانية “Gold Apollo”.

ذلك لصناعة طراز جديد من أجهزة الـ”بيجر” يُدعى “AR-924 Rugged”، الذي كان أكبر وأكثر مقاومة للماء ويتميز ببطارية أطول.

وتحت إشراف “الموساد”، تم تصنيع الأجهزة في إسرائيل ثم تسويقها لوكلاء حزب الله عبر وسطاء بسعر مخفض.

وفي آذار 2023، عرض “الموساد” جهازاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

اولذي تفقد الجهاز باختباره القوي ضد الجدار، وفي الخريف، تم شحن الدفعة الأولى من الأجهزة إلى حزب الله.

زر الذهاب إلى الأعلى