خطر ضياع جيل… غزة بين سنديان الحرب ومطرقة العودة للدراسة
غزة- المواطن
يعيش الطلاب في قطاع غزة فترة جديدة دون الذهاب الى مقاعد الدراسة، فبعد أن بدأت الحرب وتعطلت مناحي الحياة كافة بالقطاع، ضاعت فرصة التعليم للعام المنصرم على الطلبة كافة بما فيهم طلبة الثانوية العامة.
ومع بدء اقتراب العام الدراسي الجديد فمن المفترض أن يتجهز الطلبة وذويهم للعودة الى مقاعد الدراسة بحلول التاسع من الشهر الجاري، إلا أن الحرب تعيق دون حدوث ذلك.
ووسط الاستعدادات العملية في مناطق الضفة الغربية لانطلاق العام الدراسي الجديد، من خلال تهيئة المدارس، لوصول الطلبة لمقاعد الدراسة، فإن الاستعدادات في قطاع غزة، تستمر من قبل الجهات المشرفة على الإغاثة، من أجل المحافظة على الحد الأدنى من الخدمات التي تقدم للنازحين في المدارس التي تحولت لـ “مراكز إيواء”.
وحسب التقويم المدرسي الذي أعدته وزارة التربية والتعليم، فإن عملية دوام الهيئات التدريسية في الضفة الغربية، بدأت الاثنين، للتمهيد والترتيب لانطلاق العام الدراسي يوم التاسع من الشهر الجاري.
وفي هذا الوقت يبدأ المدرسون ومدراء المدارس، بتجهيز كشوفات بأسماء الطلبة، والفصول الدراسية التي سينتظمون بها، وكذلك وضع الجداول الدراسية والحصص المخصصة لكل مدرس.
أما الحال في قطاع غزة، فإنه مغاير تماما، حيث انخرطت معظم طواقم التدريس في فرق الطوارئ التي تعمل حاليا على تقديم الخدمات للنازحين والسكان القاطنين في المناطق التي لا يشملها أوامر الاخلاء القسري في قطاع غزة.
وبدلا من التحضير للعام الدراسي الجديد، وتسجيل الطلبة وتنقلاتهم وتحضير الجداول المدرسية وتجهيز الفصول الدراسية، تعمل الطواقم التعليمية، في ترتيب “مراكز الإيواء” والإشراف على توزيع الحصص الغذائية على النازحين، وتسجيل نازحين جدد.
ومما يعيق بدء سير العملية الدراسية استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي المتعمد للمدارس التي اكتنفها المواطنين بغزة كمراكز نزوح لهم معتقدين أنها أمنة وأن الجيش الإسرائيلي لن يستهدفها.
ونتيجة لهذا العدوان المستمر، استشهد نحو 9000 من الطلبة في القطاع وأكثر من 500 معلم وإداري في المدارس، بحسب وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية.
ويضاف إلى هذه الأعداد آلاف النازحين ممن لجأوا إلى المدارس، خاصة تلك التابعة لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
ولكن هنا غزة لا مكان آمن هنا، فبحسب ما أعلنت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن المؤسسات الحكومية والأنروا فان الجيش الإسرائيلي استهدف ما يقارب الـ70% من مجل المدارس بالقطاع.
ومما يزيد تفاقم الوضع الحالة النفسية التي يعيشها الطلاب فبحسب ما أعلن المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، فإن 600 ألف طفل يعانون من صدمة شديدة ويعيشون تحت الأنقاض.
وما يزال الأهالي يسألون أنفسهم هل ستكون هذه الفترة الدراسية كسابقتها، وهل ستضيع سنة أرى على أطفالنا؟
خلود عسلية والدة لأربع أطفال أكبرهم في المرحلة الإعدادية وأصغرهم بالصف الثاني، تتساءل ترى “هل سيكون العام الدراسي كالذي سبقه؟، شو بدنا نعمل بولادنا الي بطلوا يعرفوا الحروف؟، بيحكوا بدهم يعملوا تعليم الكتروني كيف رح نقدر ندرس أطفالنا لا جوالات ولا انترنت”.
الحال لا يختلف كثيرا عن المواطنة منى نصر، التي لم تترك وحيدها للحرب بل صارت في متابعة القواعد الأساسية للحروف الاعربية والانجليزية ولكنا تقول: بقدر ما اراجع مع ابني فما رح يكون بنفس التزام المدرسة، صح تبعت معو بس على قدر الحروف وبعض الكلمات مشان ما ينساهن، لايمتا رح نضل بهاد الحال والكارثة لو هادي السنة نفس الي فاتت”.
“لا نستطيع تعليم أطفالنا على التعليم الالكتروني، لازم يكون في نت متوافر على مدار الساعة فضلا عن الجوالات لكل طالب جوال ومع النزوح المتكرر والهرب أغلب الطلبة فقدت هواتفها” هكذا عبر إسماعيل أبو النور عن رأيه في التحاق الطلبة بالتعليم الالكتروني.
وفي هذا السياق قال لازاريني، الاثنين، إن أكثر من 70 بالمئة من مدارس الوكالة في قطاع غزة، قد دمّرت أو تضررت.
وأضاف لازاريني في منشور على منصة “إكس”، أن الغالبية العظمى من تلك المدارس أصبحت ملاجئ مكتظة بمئات آلاف الأسر النازحة ولا يمكن استخدامها للتعليم.
وأوضح أن أكثر من 600 ألف طفل في غزة نصفهم كانوا بمدارس الأونروا يعانون صدمة شديدة ويعيشون تحت الأنقاض محرومين من التعليم.
كما لفت إلى أن الأولاد والبنات في جميع أنحاء المنطقة يعودون إلى مدارس الأونروا باستثناء غزة.
ولفت إلى أن أكثر من 600 ألف طفل هناك يعانون من صدمة عميقة، ويعيشون تحت الأنقاض، وهم ما زالوا محرومين من التعلم والتعليم، حيث كان نصفهم في مدارس الأونروا.
وشدد على أنه كلما طالت مدة بقاء الأطفال خارج المدرسة، كلما زاد خطر ضياع جيل، مما يغذي الاستياء والتطرف.
واعتبر أنه في غياب وقف إطلاق النار، من المرجح أن تزيد عمالة الأطفال والتجنيد في الجماعات المسلحة، وهو ما حدث في صراعات كثيرة حول العالم.
وأكد أن “وقف إطلاق النار هو فوز للجميع: سيسمح بالراحة للمدنيين، والإفراج عن الرهائن + تدفق الإمدادات الأساسية التي تشتد الحاجة إليها بما في ذلك التعلم”.