حكم الاحتفال برأس السنة 2025 في المذاهب الأربعة
مع اقتراب نهاية العام، يترقب العالم ليلة رأس السنة بكل شغف، حيث تمثل هذه المناسبة فرصة للاحتفال ببداية عام جديد مليء بالآمال والطموحات، فيتساءل الكثير عن حكم الاحتفال برأس السنة لهذا العام.
وفي هذه الليلة، يودّع الناس ذكريات العام الماضي، بكل ما حمله من أفراح وتحديات، ويستقبلون العام الجديد بأمنيات مشرقة وخطط جديدة.
حكم الاحتفال برأس السنة
ومع تباين وجهات النظر حول جواز أو حرمة الاحتفال برأس السنة الميلادية.
ويتزايد اهتمام المسلمين بالبحث عبر محركات البحث مثل “جوجل” عن حكم الاحتفال بهذه المناسبة وفقًا لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.
يرى بعض العلماء المسلمين أنه لا يجوز للمسلمين مشاركة أهل الكتاب في الاحتفال بعيد الكريسماس أو رأس السنة الميلادية، ولا تهنئتهم بهذه المناسبة.
ويرجع ذلك إلى أن هذه الأعياد تُعد جزءًا من شعائر دينهم الخاص، الذي يختلف عن الإسلام.
وقد ورد النهي عن موافقة أهل الكتاب في أعيادهم استنادًا إلى الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع، بالإضافة إلى الاعتبارات الشرعية.
حكم الاحتفال في رأس السنة الميلادية: الأدلة الشرعية وأقوال العلماء
يتباين رأي العلماء المسلمين حول حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية.
ويستند كل رأي إلى أدلة من القرآن والسنة النبوية والإجماع. في هذا المقال نستعرض أبرز الأدلة وأقوال العلماء المتعلقة بهذا الموضوع.
الأدلة من القرآن الكريم
قال الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان:72].
فسر مجاهد الآية بأنها تشير إلى أعياد المشركين، بينما قال ابن سيرين إن “الزور” يعني الشعانين، وهو أحد أعياد النصارى.
الأدلة من السنة النبوية
ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال:
“قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذا اليومان؟
قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر” (رواه أبو داود وأحمد والنسائي).
يُفهم من هذا الحديث أن الأعياد في الإسلام هي شعائر دينية محددة لا يجوز استبدالها أو تقليد غير المسلمين فيها.
قد يهمك:متى رأس السنة 2025 في جميع دول العالم بالتفصيل والساعة
الإجماع وأقوال السلف
أوضح العلماء أن السلف الصالح لم يشاركوا اليهود أو النصارى في أعيادهم، رغم أنهم كانوا يعيشون في أمصار المسلمين.
واستدلوا بما ورد في شروط عمر بن الخطاب مع أهل الذمة، التي تضمنت منع أهل الكتاب من إظهار شعائر أعيادهم في بلاد المسلمين.
كما قال عمر رضي الله عنه:
“إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم، فإن السخطة تنزل عليهم” (رواه البيهقي بإسناد صحيح).
حكم الاحتفال برأس السنة في المذاهب الأربعة
المذاهب الأربعة (الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي) تجمع على أهمية الحفاظ على هوية المسلمين وعدم التشبه بأهل الكتاب في عاداتهم وشعائرهم الدينية، بما في ذلك الاحتفال بأعيادهم الخاصة مثل رأس السنة الميلادية.
ومع ذلك، يختلف التطبيق العملي والتفاصيل بناءً على اجتهادات العلماء في كل مذهب.
المذهب الحنفي
يرى فقهاء الحنفية أن الاحتفال بأعياد غير المسلمين، بما في ذلك رأس السنة الميلادية، يدخل في باب التشبه بالكفار، وهو أمر منهي عنه استنادًا إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
“من تشبه بقوم فهو منهم” (رواه أبو داود).
لذلك، يعتبر الحنفية أن المشاركة في الاحتفالات التي ترتبط بعقائد غير المسلمين أو أعيادهم الدينية أمر غير جائز.
المذهب المالكي
يُحرّم المالكية مشاركة المسلمين في أعياد غير المسلمين أو تهنئتهم بها، لأن ذلك يعد إقرارًا لعقائدهم أو ترويجًا لها. ويستندون إلى القاعدة الفقهية:
“لا يجوز للمسلم أن يعين أهل الباطل على باطلهم بأي صورة كانت.”
واعتبر المالكية أن مشاركة المسلمين في هذه الأعياد يضعف من تميزهم الديني ويدخل في باب الموالاة المحرمة.
المذهب الشافعي
أكد الشافعية على أن الأعياد من الشعائر الدينية التي تميز كل أمة، وبالتالي لا يجوز للمسلمين مشاركة أهل الكتاب في أعيادهم.
واستدلوا بقول الله تعالى:
﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ﴾ [الفرقان:72]، حيث فسرها بعض العلماء بأنها تشير إلى أعياد المشركين.
كما شدد الشافعية على أهمية الحفاظ على خصوصية الأعياد الإسلامية وعدم الخلط بينها وبين أعياد غير المسلمين.
المذهب الحنبلي
اتفق الحنابلة مع بقية المذاهب في عدم جواز الاحتفال بأعياد غير المسلمين. وقد جاء في كلام الإمام ابن تيمية، أحد كبار علماء الحنابلة:
“موافقة الكفار في أعيادهم لا تجوز من طريق الشرع، لأن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله عنها: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة:48].”
واعتبر الحنابلة أن الاحتفال برأس السنة أو غيرها من أعياد غير المسلمين يشكل نوعًا من التشبه المنهي عنه في الشريعة الإسلامية.
أقوال العلماء في حكم الاحتفال في رأس السنة الميلادية
القول الأول: التحريم
ذهب بعض العلماء إلى تحريم الاحتفال برأس السنة الميلادية، معتبرين أنه عيد ديني يخص غير المسلمين، وأن المشاركة فيه تعد تقليدًا لهم. واستدلوا بقول الله تعالى:
﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة:48].
وأضافوا أن التساهل في هذا الأمر قد يؤدي إلى اندماج شعائر غير المسلمين في عادات المسلمين، مما يُفقد الأعياد الإسلامية خصوصيتها.
القول الثاني: الإباحة بضوابط
رأى بعض العلماء، ومنهم دار الإفتاء المصرية، جواز الاحتفال برأس السنة الميلادية بشرط أن يُعتبر مناسبة اجتماعية لا دينية، مع الالتزام بالضوابط الشرعية.
الخلاصة حول حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية
تتعدد الآراء حول حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية، بين من يحرمه باعتباره تقليدًا لأعياد غير المسلمين، ومن يبيحه بشرط مراعاة الضوابط الشرعية.
وعلى المسلمين الراغبين في المشاركة في هذه المناسبة تحري الدقة والتزام المبادئ الإسلامية في أفعالهم واختياراتهم.