تحليل: تصريحات ترامب تغلق باب التطبيع السعودي مع إسرائيل
![](https://i0.wp.com/www.almwatin.com/wp-content/uploads/2025/02/photo_%D9%A2%D9%A0%D9%A2%D9%A5-%D9%A0%D9%A2-%D9%A0%D9%A9_%D9%A1%D9%A4-%D9%A0%D9%A8-%D9%A0%D9%A2.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
غزة – المواطن
اعتبر باحثون ومحللون أن تصريحات الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بشأن السيطرة على غزة وتهجير سكانها إلى دول أخرى، قد أغلقت فعليًا أي فرصة للاعتراف السعودي بإسرائيل، في ظل انعكاسات هذه الخطة على استقرار المنطقة.
وحذّر الباحث السعودي، عزيز الغشيان، من أن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن قد يهدد أمن المنطقة ويؤثر مباشرة على استقرار السعودية. كما أثار اقتراح ترامب بشأن إعادة توطين أكثر من مليوني فلسطيني خارج القطاع ردود فعل غاضبة، خصوصًا في العالم العربي، وسط رفض قاطع من سكان غزة لأي محاولة لتهجيرهم قسريًا.
وأشار محللون إلى أن الرياض، رغم سعيها للحفاظ على علاقتها بواشنطن، لن تخضع للضغوط الأميركية فيما يخص ملف التطبيع، حيث لا تزال متمسكة بشروطها التفاوضية، والتي تشمل ضمانات أمنية وبرنامجًا نوويًا مدنيًا. ورغم امتلاك السعودية أدوات ضغط، لا سيما في قطاع الطاقة، إلا أن مراقبين يرون أنها لن تلجأ إليها في الوقت الحالي، بل ستواصل سياسة التريث دون تقديم تنازلات.
وفي هذا السياق، قال الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، جيمس دورسي، إن “سياسة ترامب أغلقت الباب أمام أي اعتراف سعودي بإسرائيل”. وأوضح أن السعودية، باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، لا يمكنها المجازفة بزعزعة استقرار المنطقة، خاصة إذا استقبلت مصر والأردن أعدادًا كبيرة من النازحين من غزة.
وأكد دورسي أن “عندما يتعلق الأمر بالأمن، فإن السعودية لا تملك خيارًا آخر سوى واشنطن”، مضيفًا أن البدائل الأخرى مثل الصين وروسيا لا توفر بدائل موثوقة.
من جانبه، قال الباحث عزيز الغشيان إن نزوح سكان غزة إلى مصر والأردن “سيضعف دولتين رئيسيتين للاستقرار الإقليمي والأمن السعودي”، مشيرًا إلى أن خطة ترامب، إلى جانب نهج رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تحمل مخاطر كبيرة على المملكة.
وأضاف أن هذه الخطة تؤكد على أن “الإسرائيليين ليسوا شركاء حقيقيين في السلام”، خصوصًا مع سياسات نتنياهو، الذي يسعى للحصول على المكاسب دون تقديم أي تنازلات. كما أن مقترح ترامب قد يؤثر سلبًا على مشروع السعودية للتحول الاقتصادي بعيدًا عن النفط، والذي يعتمد بشكل أساسي على الاستقرار لجذب الاستثمارات والسياحة.
بدورها، اعتبرت آنا جاكوبس من معهد الخليج العربي في واشنطن أن تصريحات ترامب “ستؤدي إلى مزيد من زعزعة استقرار المنطقة، وتغذي المشاعر المعادية لأميركا، خاصة في السعودية”، مما يجعل التطبيع السعودي الإسرائيلي أكثر تعقيدًا.
أما الباحث أندرياس كريغ، من جامعة كينغز كوليدج-لندن، فأكد أن السعودية لن تخضع للضغوط الأميركية، قائلاً: “المملكة ليست دولة تابعة للولايات المتحدة، وبالتالي لا تتلقى إملاءات من ترامب”، مضيفًا أن الرياض ستظل متمسكة بمواقفها التفاوضية ولن تتجاوز خطوطها الحمراء.
وأشار كريغ إلى أن “أحد أهم أوراق القوة السعودية هي القضية الفلسطينية”، حيث لا تزال المملكة تحتفظ بها كعامل رئيسي يمنحها الشرعية في العالمين العربي والإسلامي.
ويبقى التساؤل حول كيفية تعامل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، مع هذه التحديات، وفي هذا السياق، يرى كريغ أن السعودية لن تتخذ خطوات كبيرة في الوقت الحالي، لكنها تمتلك وسائل ضغط قد تستخدمها لاحقًا، خاصة في قطاع الطاقة.
وكانت السعودية قد أوقفت مفاوضات التطبيع مع إسرائيل عقب اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر 2023، رغم أنها كانت تجري محادثات مبدئية برعاية أميركية قبل ذلك.
وجاء الرد السعودي سريعًا على تصريحات ترامب، حيث أصدرت وزارة الخارجية بيانًا خلال أقل من ساعة من إعلانه مقترحه، أكدت فيه رفضها القاطع لأي مخطط لترحيل الفلسطينيين من أرضهم. كما رفضت الرياض تصريحات نتنياهو التي زعم فيها أن التطبيع مع السعودية “مسألة وقت”، مجددة التأكيد على أن أي اتفاق لن يتم دون إقامة دولة فلسطينية.