تحقيق أممي: “إسرائيل” ترتكب جرائم ضد الإنسانية وتسعى لتدمير النظام الصحي بغزة
غزة- المواطن
اتهم محققون من الأمم المتحدة، اليوم الخميس، إسرائيل باستهداف المرافق الصحية في غزة عمدا، وقتل وتعذيب عاملين في المجال الطبي، معتبرين أنها ارتكبت “جرائم ضد الإنسانية”.
وقالت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل في بيان “نفّذت إسرائيل سياسة منسقة لتدمير نظام الرعاية الصحية في غزة، كجزء من هجوم أوسع على غزة”.
وأضافت أن إسرائيل ارتكبت “جرائم حرب، وجريمة ضد الإنسانية، تتمثل في الإبادة من خلال الهجمات المستمرة والمتعمدة على العاملين الطبيين، والمرافق الطبية”.
نشرت اللجنة المكونة من ثلاثة أعضاء والتي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أيار/ مايو 2021 للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي المحتملة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، تقريرها الثاني منذ بدء الحرب قبل عام.
ويسلط التقرير الضوء أيضا على إساءة معاملة الأسرى الفلسطينيين في إسرائيل والرهائن في غزة، متهما إسرائيل والفصائل الفلسطينية بـ”التعذيب”، والعنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وقالت رئيسة اللجنة نافي بيلاي، المفوضة السابقة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في بيان “على إسرائيل أن توقف فورا تدميرها العشوائي، وغير المسبوق للمرافق الصحية في غزة”.
وأضافت أن ذلك يشكل “استهدافا مباشرا للحق في الصحة، ما يترتب عليه عواقب سلبية كبيرة وطويلة الأمد على السكان المدنيين”.
كما خلص التقرير إلى أن القوات الإسرائيلية “تعمدت قتل واحتجاز وتعذيب العاملين في المجال الطبي واستهدفت المركبات الطبية” في غزة، وقيّدت تصاريح مغادرة القطاع لتلقي العلاج الطبي.
وقالت اللجنة إن مثل هذه الأفعال تشكل جرائم حرب عديدة، و”جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة”.
وتابعت أن إسرائيل سببت “معاناة لا تحصى” للمرضى الأطفال و”فرضت عمدا ظروفا معيشية يقصد بها إهلاك أجيال من الأطفال الفلسطنيين، وربما الشعب الفلسطيني كجماعة”.
وسلط التقرير الضوء على مقتل الطفلة هند رجب في كانون الثاني/ يناير، باعتبارها “إحدى أكثر الحالات فظاعة”.
واتصلت هند بالهلال الأحمر الفلسطيني، متوسلة لإنقاذها، بعد تعرض سيارة عائلتها لإطلاق نار في مدينة غزة.
وتم في نهاية المطاف العثور على جثتها إلى جانب ستة من أقاربها، واثنين من عمال الإنقاذ التابعين للهلال الأحمر، الذين تم إرسالهم للبحث عنها.
وقالت اللجنة إنها توصلت إلى أن الفرقة 162 في الجيش الإسرائيلي مسؤولة عن قتلهم، ما يشكل جريمة حرب.
وفي سياق ذي صلة، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الخميس، من التداعيات الكارثية لاستهداف الجيش الإسرائيلي قطاع الصحة، خاصة في محافظتي غزة والشمال، مؤكدا أن الاحتلال يسعى بذلك لإتمام “جريمة الإبادة الجماعية”.
وقال المدير العام للمكتب الإعلامي، إسماعيل الثوابتة، إن “الاحتلال الإسرائيلي يسعى لإتمام جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني من خلال استهداف هذه القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الصحي وتدمير المستشفيات”.
وحذّر من التداعيات الكارثية لاستهداف الجيش الإسرائيلي للقطاعات الحيوية في قطاع غزة وخاصة في محافظتي غزة والشمال، وعلى رأسها الصحة.
وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي يصعّد من تهديداته للمستشفيات العاملة شمال القطاع، حيث يواصل حصار مستشفى كمال عدوان، ويطلق النار على منشآته ومكاتبه الإدارية، ما يهدد بوقف الخدمات الصحية فيه وفي المستشفيات الأخرى التي أعادت ترميم نفسها لتقديم خدمة الإسعافات الأولية لسكان شمال قطاع غزة”.
يأتي ذلك بعد يومين من مطالبة الجيش الإسرائيلي 3 مستشفيات بالمحافظة الشمالية في غزة بالإخلاء من المرضى والطواقم الطبية، بينها “مستشفى كمال عدوان”.
3 مستشفيات رئيسية في الشمال أمام خطر التدمير
وذكر الثوابتة أن المستشفيات الثلاثة الرئيسية في شمال غزة، وهي: كمال عدوان، والإندونيسي، والعودة، تواجه خطر التدمير الكامل، بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي بإخلائها، “مهددًا بتحويلها إلى مقابر جماعية إذا لم يتم ذلك”.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى إسقاط المنظومة الصحية في غزة، من خلال منع دخول الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، ما يهدد حياة آلاف الأهالي، بحسب ما نقلت عنه وكالة “الأناضول” للأنباء.
وأكد أن الحكومة في غزة ترفض بشكل مطلق تهديدات إسرائيل، وتناشد المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية التدخل العاجل لحماية هذه المستشفيات ومنع تكرار سيناريو تدمير مستشفيات قطاع غزة كما حدث في مجمع الشفاء الطبي.
وفي 18 آذار/ مارس الماضي، اقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء لمدة 14 يوما قبل أن ينسحب منه، لتتكشف مشاهد مروعة من الدمار الواسع لمبانيه، ودفن جثامين فلسطينيين بينهم نساء في مقابر جماعية وفردية، عُثر على بعضهم متحللا أو محروقا أو مقطعا.
فشل خطة التهجير
وفي سياق آخر، أشار الثوابتة إلى فشل الاحتلال الإسرائيلي في تهجير سكان شمال غزة، رغم استهدافهم المتواصل منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأكد أن الأهالي في مخيم جباليا يواصلون الصمود في وجه العمليات العسكرية الإسرائيلية التي يحاول بها الاحتلال فرض أجندته على المنطقة، و”ستفشل أمام عزيمة شعب القطاع وإصراره على البقاء في أرضه”.
ولليوم الخامس على التوالي، يتعرض الأهالي بالمناطق الشرقية والغربية لمحافظة الشمال خاصة بمخيم جباليا لعملية “إبادة وتطهير عرقي”، حيث يفرض الجيش الإسرائيلي حصارا بريا، وينفذ عمليات قتل ونسف للمنازل، وتهجير قسري يرفضه الأهالي، في إطار حربه على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023.
والأحد، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية برية بجباليا بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع منها جباليا هي الأعنف منذ مايو/ أيار الماضي.
وأفاد شهود عيان بأن الآليات الإسرائيلية العسكرية وصلت في توغلها البري للمناطق الغربية من شمال القطاع.
وهذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا شمالي القطاع منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر 2023.
ومنذ بدء عمليته العسكرية الإسرائيلية على شمال القطاع، حاول الجيش إطباق الحصار على منطقة جباليا ومنع الأهالي من النزوح إلى مدينة غزة المجاورة، وأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع “صلاح الدين” الممتد على طول شرقي القطاع من شماله إلى جنوبه.
طمس الحقائق
وفي ما يتعلق باستهداف الصحافيين، أشار الثوابتة إلى مواصلة الجيش الإسرائيلي استهداف الصحافيين الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث قُتل حتى الآن 176 صحافيًا، وأصيب 396 آخرون، إضافة إلى اعتقال 36 صحافيًا.
واتهم الثوابتة الاحتلال الإسرائيلي، بمحاولة “طمس الحقائق وتضليل الرأي العام الدولي من خلال استهداف الصحافيين الفلسطينيين الذين يكشفون جرائم حرب الإبادة الجماعية”.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي فشل في محاولاته لتزييف الحقائق، مع نجاح الصحافيين الفلسطينيين في نقل الصورة الحقيقية للعالم، ما قلب موازين الرأي العام الدولي، وأدى إلى تصاعد الدعوات الداعمة لفلسطين في العديد من الدول الأوروبية.
وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي ارتكب جرائم إعدام لعدد من الصحافيين في مخيم جباليا، منهم الشهيد الصحافي محمد الطناني مصور قناة الأقصى الفضائية الذي قتل برصاص الجيش الإسرائيلي أمس الأربعاء، إضافة إلى إصابة الصحافي تامر لبد مراسل القناة، والزميل فادي الوحيدي مصور قناة الجزيرة القطرية”.
وشدّد الثوابتة على أن هذه الجرائم لن تثني الصحافيين الفلسطينيين عن مواصلة رسالتهم، مؤكدًا أنهم سيواصلون نقل الحقيقة والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني بكل عزم وإصرار.
وبدعم أميركي، أسفرت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة المتواصلة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عن أكثر من 139 ألف شهيد وجريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.