تجريف وتضييق وعزل: هل يعتزم الاحتلال إقامة جدار فصل في الأغوار الشمالية؟
القدس المحتلة – المواطن
تتهدد القرى الرئيسية في الأغوار الشمالية بمحافظة طوباس شمال شرقي الضفة الغربية، مخاطر جدية لعزلها، ضمن مخططات النهب الإسرائيلية التي انطلقت في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وشملت مصادرة وتجريف آلاف الدونمات.
فقبل أسبوع تقريبًا؛ شرع جيش الاحتلال في عمليات تجريف أراضي قريتي بردلا وكردلا في الأغوار الشمالية، بعد أن أبلغت سلطات الاحتلال الأهالي شفويًا بنيتها إقامة جدار على أراضي بيسان في الداخل المحتل، وينتهي عند شارع 90 الاستيطاني الذي يقع جنوب القريتين.
ويؤكد المدير العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، حسن مليحات، أنّ الاحتلال شرع فعليًا بإقامة الجدار العازل في تلك المنطقة، ضمن خطط وإعلانات اليمين المتطرف داخل “إسرائيل” لبسط سياسها وسيادتها على الأغوار.
تضييق على السكان
ويقول مليحات في مقابلة خاصة بـ وكالة سند للأنباء إنّ إقامة الجدار العازل حول القريتين لعزلهما عن محيطهما الطبيعي، سيُضيّق على السكان ويجعلهم محاصرين بالاستيطان لإرغامهم على الهجرة القسرية.
وأوضح أنّ استكمال هذا المشروع سيُمهّد لنهب جديد، يطال مناطق أخرى ضمن مخطط الضم.
وستؤدي إقامة هذا الجدار، إلى إغلاق مئات الآلاف من الدونمات الممتدة من طوباس إلى الأغوار الشمالية، وستعرقل التواصل الجغرافي بين القرى، وتحولها لمناطق مغلقة بسيادة إسرائيلية مفروضة عليهم كسياسة أمر واقع.
كما ستحرم آلاف العائلات من الوصول إلى أراضيها الزراعية ومناطق الرعي، التي تعتمد عليها في معيشتها.
بينما سيُسهّل هذا الجدار إلى جانب إجراءات احتلالية أخرى، وصول المستوطنين إلى المناطق المستهدفة، بهدف تعزيز الوجود الاستيطاني.
وعلى ضوء ذلك؛ يحذر مليحات من خطورة المشروع وتداعياته الخطيرة على الأرض وسكانها، داعيا المؤسسات الرسمية والشعبية والحقوقية والقطاعات المختلفة للانخراط في الدفاع عن المناطق المستهدفة ضمن مخططات الضم الإسرائيلية.
إقامة جدار يعزل المنطقة
من جانبه، يشير محافظ طوباس والأغوار الشمالية أحمد الأسعد، إلى أنّه جرى مؤخرًا مصادرة زهاء 700 دونم من بلدات بردلا وتياسير، والشروع بشق شارع في محيط بردلا.
لكن المخاوف الأساسية، وفق المحافظ، يتعلق ببناء جدار عازل، نظرًا لآثاره السلبية الكبيرة على المنطقة الزراعية بأكملها.
ويضيف الأسعد في تصريحٍ خاص بـ وكالة سند للأنباء أنّ عدد البؤر الاستيطانية المزروعة في مناطق الأغوار ازدادت بشكل لافت بعد الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين أول 2023، ما يكشف عن الخطط الخبيثة لابتلاع الأرض وتهجير أصحابها.
ويوضح أنّ تحويل القرى لمنطقة عازلة وتفكيك ارتباطها بمحيطها الفلسطيني، سيجعل حياة سكانها جحيم، حيث سنشهد تصاعد وتكرار في اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال لتجمعات الفلسطينيين.
الأغوار ثلث مساحة الضفة
هذا ويرى الناشط في مؤسسة الحق فارس فقها، أنّ ما يجري لقرى الأغوار الشمالية، هو ترجمة فعلية لخطط الضم المعلن عنها، وترجمة حيّة لإعلانات شخصيات سياسية في “إسرائيل” بتكثيف استهداف مناطق (ج) وقبلها الأغوار.
وتبلغ مساحة الأغوار نحو ثلث مساحة الضفة الغربية، بواقع 1200 كيلو متر مربع، من إجمالي 5600 كليو متر مربع، من بيسان شمالا وصولا لأريحا جنوبا.
ويردف فقها لـ وكالة سند للأنباء أن عمليات التجريف الواسعة وتسوية الأراضي، تتم بحراسة جنود الاحتلال، وستكون ضحيتها قرى كردلا وبردلا والعين البيضاء، بينما لا يبعد الجدار الذي تجري إقامته سوى أمتار قليلة عن بيوت ومساكن بردلا وكردلا.
استغلال حرب الإبادة
ويَحمِل الناشط في شؤون الأغوار عارف دراغمة مخاوف سابقيه، بأن تكون أعمال التجريف هدفها عزل كردلا وبردلا.
وقال لـ وكالة سند للأنباء: “المستوطنون يستغلون الانشغال بظرف الحرب القائم منذ أكثر من عام، للمضي قدمًا نحو مخططات بسط السيادة على أراضي الأغوار وخيراتها”.
ويلفت إلى أنّ الضرر الكامن خلف عمليات التجريف الحالية، يكمن في حرمان الفلسطينيين من حقهم في استصلاح أراضيهم خاصة الرعوية منها، الواقعة غرب كردلا وحتى خربة جباريس في الأغوار، بالإضافة لسياسة هدم البيوت والبركسات بحجة شق طريق لخطوط مياه.
يُشار إلى أنّ عمليات التجريف والتخوفات من عزل آلاف الدونمات في الأغوار، تأتي بعدما أعلن وزير مالية الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بأن عام 2025 سيكون عام السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وهو ما يعزز تخوفات أهالي الأغوار.