أقلام

بين التهجير وعراء الشتاء.. من ينفذ نازحي الضفة؟ … كتبت أمينة خليفة

كتبت أمينة خليفة

في الوقت الذي توسع فيه إسرائيل عملياتها في مخيمات الضفة الغربية من أجل فرض مزيدا من الهلع في نفوس الأهالي وكذلك السيطرة على المنطقة برمتها، تثير العاصفة الثلجية المتوقعة وموجة البرد مخاوف جديدة لدى العائلات النازحة من طولكرم وجنين، الذين يعيشون بدون سقف فوق رؤوسهم، وهو ما يعمق مأساتهم وخاصة أطفالهم الذي يواجهون موجات البرد القارس بلا مأوي أو ملابس ثقيلة أو حتى وسائل تدفئة.

وفي الأيام الأخيرة، توغلت إسرائيل في مناطق الضفة الغربية لا سيما في جنين وطولكرم، حيث وسعت عملياتها العسكرية في المدينة ومخيمها لتشمل مخيم نور شمس شرق المدينة، في تصعيد خطير أسفر عن دمار واسع في البنية التحتية، وإجبر السكان على الخروج من منازلهم، كما انتشرت الآليات العسكرية والجرافات الثقيلة وداهمت عشرات المنازل وسط سماع أصوات انفجارات ضخمة، مع تحليق مستمر لطيران الاحتلال فوق المنطقة، في خرق واضح وصريح لكل الأعراف القانونية والإنسانية.

ويبدو أن الاحتلال مازال يمارس سياسته في حصار سكان الضفة الغربية من كل الجهات، خاصة بعد استيلائه على البيوت وطرد سكانها، وإجبارهم على الخروج مشيا على الأقدام، وسط البرد القارس وأجواء محفوفة بالمخاطر، ويبقى الأهالي أمام تحد كبير وهو موجات البرد القارس التي تضرب مخيماتهم خاصة وأنهم يعيشون الآن وسط الخلاء بعد تهجير أكثر من 20 ألف مواطن قسرا من بيوتهم على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي.

ربما ما يحدث في الضفة ومخيماتها ليس سوى استكمال لسياسة تهجير أصحاب الأرض من أجل تعزيز الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهذا بمثابة نوع من العقاب الجماعي لأكثر من نصف مليون مواطن في مخيمات الضفة التي داهتمتها إسرائيل حتى الآن، والبقية تأتي.

ومازال الفلسطينيون النازحين من الضفة الغربية بسبب ممارسات الاحتلال، ينتظرون مصيرا مشابها لمصير أهالي غزة النازحين من بيوتهم بسبب الحرب، حيث سيواجهون ظروفا صعبة كنقص الطعام ومستلزمات التدفئة والخيام والمنازل المتنقلة التي تحمي من الأمطار والبرد، كما أن غياب الوقود أيضا قد يزيد الأزمة، في ظل انخفاض درجات الحرارة ليلا، وحاجة الأطفال إلى أطعمة ومشروبات تبعث عليهم التدفئة، وكذلك الملابس الشتوية والأغطية تقيهم البرد القارس.

وخلال موسم الشتاء، ومع هطول الأمطار وزيادة نشاط الرياح في ساعات الليل المتأخرة، تغرق الخيام بالمياه والوحل وبالتالي تنتش، الأمراض، ما يحول مراكز الإيواء في الضفة إلى قنبلة أزمات، ويزيد من صعوبة الأوضاع الإنسانية لهم.

وفي الوقت نفسه، يفتقر الأهالي أبسط مقومات الحياة في كالأمطار والعواصف، خاصة في ساعات الصباح الباكر حيث تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات متدنية ويفتقر الأهالي إلى أبسط مقومات الحماية من البرد القارس ومخاطر العواصف والأمطار الغزيرة التي زادت معاناتهم داخل المخيمات المنتشرة في الإيواء.

ويفاقم أيضا غياب الوقود الأزمة، حيث ستكون العائلات عاجزة عن تأمين أي وسيلة للتدفئة في ظل انخفاض درجات الحرارة ليلا، وهذا قد يؤدي إلى غرق خيام النازحين وتلفها، وتعرض ساكنيها للبرد والأمراض التنفسية في ظل غياب الرعاية الصحية وكذلك المساعدات الإنسانية التي قد تصلهم من الضفة.

بالأحرى إن مأساة الشعب الفلطسيني سواء في غزة أو في الضفة تزداد كل يوم في ظل استمرار ممارسات الاحتلال العدوانية تجاه هذا الشعب المسكين، الذي تغيب عنه شمس الحياة كل يوم وسط حالة التواطؤ الدولية والدعم غير المبرر مع إسرائيل على حساب هذا الشعب المسكين.

ومع قدوم شهر رمضان وظروف الصيام والبرد القارس، يظل نازحو الضفة يعيشون في جحيم الاحتلال الذي لا ينتهي.. فمن ينقذهم من الموت مرضا وجوعا ويأسا؟!

زر الذهاب إلى الأعلى