بالفيديو: خالدة جرار.. حكاية صمود خلف القضبان
رام الله – المواطن
في سجون الاحتلال، حيث يُغتال الهواء وتُسلب الكرامة، تجسدت معاناة الأسرى الفلسطينيين بأبشع صورها. وسط هذه الزنازين المظلمة، كانت خالدة جرار، القيادية الفلسطينية والناشطة الحقوقية، شاهدة على فصل جديد من فصول القمع الإسرائيلي.
العزل الانفرادي، التعذيب النفسي، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية، كانت أدوات الاحتلال لطمس ملامح الصمود.
جرار، التي عاشت فصول هذه المأساة، لم تكن مجرد رقم في قائمة المعتقلين، بل رمزًا لمعاناة شعب بأكمله، تروي قصتها حكاية قهر لا حدود له، وصمودٍ لم تزعزعه السجون ولا القضبان.
في مقابلة مؤثرة مع التلفزيون العربي، قالت الأسيرة المحررة خالدة جرار: “قبل أن أتحدث عن تجربتي في العزل وظروفه، أود أن أشكر الإعلام الذي يسلط الضوء على قضية الأسرى والأسيرات، وهي قضية وطنية هامة”.
بهذه الكلمات بدأت جرار حديثها عن معاناة الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، مسلطة الضوء على سياسة العزل الانفرادي التي وصفتها بأنها واحدة من أبرز أدوات القمع التي يستخدمها الاحتلال لتدمير الأسرى نفسيًا وجسديًا.
جرار أوضحت أن العزل الانفرادي في ظل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، لم يكن مجرد عقوبة قاسية، بل جاء مصحوبًا بإجراءات قمعية أخرى، شملت منع الزيارات العائلية، والاعتداء الجسدي، واستخدام الغاز المسيل للدموع داخل الزنازين.
وأضافت أن النساء الأسيرات كنَّ ضحايا لهذه السياسات بنفس القدر الذي واجهه الرجال، مشيرة إلى أن العزل الانفرادي طالها شخصيًا لمدة ستة أشهر، بينما تعرضت أسيرات أخريات لعزل مؤقت بفترات أقصر.
زنزانة بلا هواء
من داخل زنزانة عزلها في سجن “الدامون”، قالت جرار آنذاك لمحاميها: “كنت أختنق يوميًا. الزنزانة أشبه بفرن مغلق، بلا هواء ولا متنفس. حتى فتحة الشباك الصغيرة تم إغلاقها بعد يوم من نقلي”.
وكشفت عن المعاناة المتزايدة نتيجة قطع المياه لساعات طويلة وتعمد تأخير وجبات الطعام. ورغم الظروف القاسية، أصرّت جرار على أن هذه السياسات تمثل جزءًا من محاولة منهجية لتدمير معنويات الأسرى الفلسطينيين وإخضاعهم.
الإفراج… بين الفرح والغضب
مع بزوغ فجر الإثنين، أفرج الاحتلال عن خالدة جرار ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
بدت جرار بشعر أبيض وجسد نحيل، بالكاد تقوى على السير، في مشهد أثار غضب الشارع الفلسطيني. صور جرار بعد الإفراج أثارت موجة استنكار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وصفها ناشطون بأنها شهادة حيّة على “الجريمة الإسرائيلية بحق الأسرى”.
من هي خالدة جرار؟
خالدة جرار، التي اعتقلتها إسرائيل للمرة الأولى عام 2015، هي عضو سابق في المجلس التشريعي الفلسطيني وقيادية بارزة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
قضت ما مجموعه نحو خمس سنوات خلف القضبان، تعرضت خلالها للاعتقال الإداري والتنكيل والحرمان من أدنى حقوقها. حتى في أحلك لحظاتها، مثل وفاة ابنتها، رفض الاحتلال السماح لها بإلقاء نظرة الوداع.
دعوة للوحدة الوطنية
في ختام مقابلتها، وجهت جرار رسالة واضحة إلى الشعب الفلسطيني، داعية إلى موقف وطني موحد للتصدي لسياسات الاحتلال وحماية الأسرى والأسيرات. “الوضع داخل السجون يظل في غاية الصعوبة، ولا خيار سوى المقاومة على جميع المستويات”، أكدت جرار.
تظل قصة خالدة جرار شاهدًا حيًا على صمود الأسرى الفلسطينيين في وجه آلة القمع الإسرائيلية، ومثالًا على الحاجة الماسة لوحدة وطنية قادرة على حمل هذه القضية إلى العالم.