المفتاح بين الحدود العراقية السورية
بقلم: تمارا حداد.
سعت الخطة الامنية الأمريكية_الاسرائيلية إلى فكفكة المُقاومة في الضفة الغربية وتحييد بعض حركات المقاومة في قطاع غزة عن الخوض في المعركة الاخيرة التي خاضتها حركة الجهاد الاسلامي واسرائيل، هذه الخطة اذا تحدثنا بكل واقعية نجحت بمعدل 70 بالمئة من تحقيق أهدافها نظراً لوجود عمليات فردية تُعرقل الهدف وهو إنهاء المقاومة في الحديقة الجانبية والجنوبية للاحتلال، هذه الخطة بدأت تُنفذ بعد تجربتها على فلسطين ومعروف أن كل تجارب الخطط التكتيكية والاستراتيجية التي يخطط لها الغرب تبدأ في الضفة واولى التجارب وهي تعزيز انقسام الفصائل وتفكيك الضفة عن القطاع جغرافياً وهذا ما تم تطبيقه على منطقة الشرق الاوسط تم خلق فصائل معارضة “الاسلام السياسي” تسعى لإنهاء الدول الوطنية مما ادى الى تفككها مثل العراق وسوريا واليمن وليبيا وهاهي السودان ودول وسط افريقيا تسير على النهج لجعل تلك الدول فاشلة تستطيع دول الغرب سرقة ثرواتها بكل سهولة، ما ينطبق على الانقسام الداخلي ينطبق الان على قدرة دول الغرب على تفتيت محور تم تشكيله على بقعة جغرافية متواصلة وهي ايران والعراق سوريا ولبنان الى ان وصلت فلسطين، لذا بدات الخطة الامريكية بتفكيك المحور من خلال تحييد العراق عن سوريا عن ايران عن لبنان بادوات مختلفة.
لذا فان التعزيزات الأمريكية لمضيق هُرمز والبحر الاحمر وبحر العرب اضافة الى تعزيز القوات الامريكية التي تُقدر ب5000 عنصر في منطقة الحدود الملتهبة بين العراق وسوريا حيث من المتوقع ان يحدث خلال اسبوعين عملية امنية معقدة في سوريا وتعزيز حزام ناري ضامن في بغداد من خلال تعزيز الجهود العسكرية لتحييد تدخل فصائل الحشد الشعبي في اي عملية مستقبلية ضد الفصائل المُقربة لايران في سوريا وقطع الامدادات التسليحية من العراق الى سوريا وتدمير الانفاق السرية التي تُوصل تلك الاسلحة الى سوريا ولبنان.
واضح تماماً ان الخطة لتفكيك المحور والهدف الآخر من العملية الامنية في سوريا أولاً اشغال الروس بسوريا وتخفيف الضغط على اوكرانيا والثاني ضبط الحدود العراقية_السورية والثالث تدمير الانفاق السرية التي تمد حزب الله بالسلاح وقطع الطريق على مهربي الكبتاجون من سوريا الى الاردن ودول الخليج، اضافة الى تخفيف الضغط على اسرائيل نظراً لاستمرار التهديدات المستمرة من قبل حزب الله شمال فلسطين المحتلة.
والغريب في الامر مع تزامن تواجد التعزيزات العسكرية الامريكية بين الحدود العراقية السورية افراج الولايات المتحدة الامريكية عن اموال مُحتجزة لايران مقابل اخراج الاسرى الامريكان على ما يبدو ان المال ليس فقط لبدء اتفاق نووي امريكي_ايراني واضح ان ذلك له علاقة بدفع المال مقابل تحييد ايران عن اي عملية امنية معقدة ستحدث في سوريا وهذا لفكفكة وحدات الساحات كما حدثت في الضفة الغربية والقطاع وفصلها عن القدس.
تسعى اميركا اليوم الى مراجعة تواجدها في المنطقة وان تأخر وتريد اعادة وضعها الاستراتيجي في منطقة الشرق الاوسط من خلال اعادة ترتيب المنطقة كما قبل الفوضى الخلاقة حيث اكدت مراكز الابحاث الامنية في اميركا ان تنفيذ الفوضى الخلاقة لم تعطي نتائج ايجابية لها بل العكس لذا تريد اعادة المنطقة الى حالة ما قبل الفوضى من خلال اخراج النفوذ الايراني من العراق وسوريا ولبنان الذي هدد مصالحها وعزز النفوذ الصيني الروسي مقابل تراجع وجودها في المنطقة والدليل ان التغيرات في المنطقة جاءت لصالح مصالحات “خليجية_ ايرانية” برعاية صينية هذا ما هدد المصالح الامريكية الاسرائيلية في المنطقة، والحديث عن تعزيز التطبيع السعودي _الاسرائيلي ما هو الا مصلحة اميركية بحتة لانقاذ بايدن والديمُقراطيين في العملية الانتخابية المقبلة لعام 2024، ناهيك عن ابعاد النفوذ الصيني والروسي من المنطقة اضافة الى تخريب المصالحات “الخليجية_ الايرانية”.
لذا فان امريكا اذا ما نجحت خطة التطبيع “الاسرائيلي_ السعودي” فان الحرب قادمة بغض النظر عن موقعها في سوريا او العراق وقد تتحول من بقعة جغرافية مُحددة الى حرب اقليمية فهل دول الخليج ستتدخل بعد المصالحات؟ وبعد جعل ايران جزء مشارك في العلاقات الخارجية حيث اصبحت طهران مشارك من اجل التنمية في المنطقة وليس بُعبع كما روج له.
لذا فان دول الخليج من المتوقع ان تنأى نفسها عن اي مواجهة “امريكية _ايرانية” او لاحدى اذرعها فدول الخليج تعلم تماماً ان خطوات حشد القوات الامريكية من اجل الضغط على نظام الاسد لاخراج النفوذ الايراني والضغط على فصائل ايران عن تخفيف التهديدات لاسرائيل من قبل حزب الله والضغط على ايران لتعزيز اتفاق نووي قبل الانتخابات لتكون نقاطاً للديمقراطيين واعادتهم الى سدة الحكم، كما ان دول الخليج بدأت تتعامل بسياسة تصفير المشاكل بعد معرفتها انها كانت جزء من ادوات امريكية دون فائدة مباشرة لها بل استغلال اموالها لشن حروب ودعم فصائل معارضة ادى الامر الى تعزيز النفوذ الايراني ما اضر بمصالح دول الخليج قبل المصالح الامريكية، فقامت دول الخليج بتغيير نهجها نحو التصالحية مع الجميع رغم بروز مشاكل حقل الدرة واحتلال ايران لجزر اماراتية الثلاث”طنب الكبرى، طنب الصغرى، ابو موسى” فتعمل دول الخليج على اتباع النهج الدبلوماسي والاقتصادي لحل مشاكل سياسية مستقبلية، لكن اتخاذ قرار حرب من قبل اميركا ضد ايران او حلفائها فان ايران لن تقف مكتوفة الايدي بل سترد على اميركا او على حلفائها من دول الخليج وهذا يعني حرب اقليمية شاملة ستعمل على تغيير واقع المنطقة وترسيخ قائدها في منطقة الشرق الاوسط.