المصالحة الفلسطينية كلاكيت ثامن مرة
كتب أحمد جمعة :
للمرة الثامنة تعلن الفصائل الفلسطينية المتواجدة في المشهد الفلسطيني توقيع اتفاق للمصالحة لا سيما بين فتح وحماس، للمضي قدما نحو الاتفاق على مشروع وطني موحد بين الفصيلين الأكبر على الساحة في الأراضي المحتلة، ورغم أن الإعلان جاء من الصين التي بذلت جهودا مضنية لإنجاز الاتفاق إلا أن بنوده هي نفسها التي وقعت عليها الفصائل خاصة في ورقة القاهرة عام 2009 وتوقيع الاتفاق الأبرز والأهم في العاصمة المصرية في 2011.
مشكلة الفصائل الفلسطينية أصبحت أنها صماء بكماء عمياء فهي لا تسمع ولا ترى ولا تتحدث بلسان الشعب الفلسطيني لكن الحاكم في المعادلة هي مصلحة الفصيل والتنظيم وعدم إعلاء المصلحة الوطنية الفلسطينية، فإعلان بكين وغيره من جولات المصالحة السابقة للفصائل سواء في القاهرة أو الدوحة أو مكة أو اتفاق الشاطئ هدفها بالأساس إنجاز المصالحة الوطنية بين الفلسطينيين، ويعد إعلان القاهرة هو المرتكز الأساسي والرئيسي في البنود الأساسية والرئيسية لأي اتفاق مصالحة لاحق لاتفاق القاهرة.
الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة الغربية أو الشتات بات غاضبا من سلوك الفصائل التي تستدعي ورقة المصالحة الوطنية باعتبارها ورقة سياسية في مواجهة أي ضغوطات تمارسها إسرائيل ضد هذه الفصائل، حيث لا تتوافر الإرادة السياسية الحقيقية بين الفصائل الفلسطينية في إنجاز اتفاق مصالحة وطنية وإنهاء الانقسام بشكل كامل، فقد شكل إعلان القاهرة في 2011 حدث تاريخي احتفى به الشعب الفلسطيني باعتباره الأفضل على الإطلاق لإنهاء الانقسام إلا أن الفصائل مارست دورها المراوغ في عدم تفعيل ما تم الاتفاق عليه من أجل مصالحها الشخصية.
الفصائل الفلسطينية التي أفسدت المشهد السياسي بصراعاتها وحروبها الإعلامية أضرب بالقضية المركزية الأولى للعرب، وسعى كل قيادي فلسطيني للترويج لنفسه وفصيله دون الالتفات إلى مصلحة القضية الفلسطينية التي تعمل مصر وبعض الدول العربية في الدفع بها نحو صدارة القضايا التي تحتاج إلى حسم وحل سريع، وذلك في إطار الدور التاريخي لمصر والداعم لحصول الفلسطينيين على حقوقهم بإقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الغريب في سلوك الفصائل الفلسطينية أنها لم تفكر في آلية جديدة يتم من خلالها مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتغيير استراتيجيتها السياسية على سبيل المثال بتوحيد صفوفها تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني والتحرك بشكل فعلي لذلك، لكن لجأت الفصائل إلى حيلة قديمة جديدة وهي استدعاء ورقة المصالحة الوطنية لكسب المزيد من الوقت منها مثلا محاولة قطع الطريق على الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بفرضهم لآلية إدارة قطاع غزة بعد اليوم التالي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، والحقيقة أنهم يتفاوضون في الغرف المغلقة لمصالحهم دون الالتفات لمصلحة قضية فلسطين.
نصيحة للفصائل الفلسطينية بضرورة تطوير آلياتها وأدواتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي بالاستماع إلى الشعب الفلسطيني الثابت والمرابط على أرضه ويحمه عرضه بالرباط على كل شبر في غزة، انصتوا للناس ونفذوا الأفكار التي يطرحونها، الفلسطينيون في غزة والضفة خذلوا من الفصائل التي أدخلت القضية في نفق مظلم باستمرار الجمود السياسي، والحروب الإعلامية، واتخاذ قرارات حاسمة بشكل متسرع أضرت كثيرا بالمشروع الوطني الفلسطيني.