اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم المغازي: إرادة لا تنكسر في زمن الحرب

كتب زياد عوض:
في زمن العتمة، وتحت قصف الطائرات، وبين أنقاض الحلم الذي تلاشى في قطاع غزة، تجسد الإرادة الفلسطينية الحية في صورٍ من التضحية والصمود، لا تنقضها الأيام ولا تهدمها الحروب. ومن بين تلك الصورة التي تُكتب بأيدٍ صامدة، تأتي اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم المغازي، التي كانت ولا تزال تمثل رمزية للحفاظ على الأمل، بل وترسيخ روح الإنسانية في زمن الحرب. منذ بداية العدوان على القطاع، اتخذت اللجنة على عاتقها مهمة العون والمساعدة، ترجمةً لتوصيات الدكتور أحمد أبو هولي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شؤون اللاجئين.
منذ اللحظة الأولى التي عصفت فيها الحرب بالقطاع، كان المخيم في قلب المعركة، ولكن تلك الإرادة الحديدية التي تحركت في قلب صديقي ورفيق دربنا، واصف أبو مشايخ، رئيس اللجنة الشعبية للاجئين، كانت القادرة على تحويل المأساة إلى قصيدة من الفعل الإنساني الذي لا يقهر. بدأ واصف أبو مشايخ فورًا، وبمساعدة أصدقائه في مؤسسات المجتمع المدني، في توجيه التحركات الإغاثية استجابةً لتوجيهات الدكتور أبو هولي، حتى وإن كانت المخاطر تتربص عند كل زاوية. ففي وقتٍ كان فيه بعض المؤسسات ترفض التدخل بحجة أن مخيم المغازي “منطقة حمراء”، كان واصف يحمل عزيمته الراسخة، مُصرًا على أن مخيم المغازي يستحق كل الدعم والمساعدة.
وها هي اللجنة الشعبية تواصل عملها البطولي في توفير الاحتياجات الأساسية للسكان، حيث لا تدخر جهدًا في تأمين المواد الغذائية والصحية، رغم الظروف الصعبة. في شهر فبراير 2025، شهدنا بروزًا آخر لتلك الجهود المباركة، التي تركزت على توفير المساعدات الإغاثية والإنسانية في شتى أرجاء المخيم.
من أبرز الإنجازات التي تحققت هذا الشهر:
توزيع وجبات ساخنة يوميًا على جميع مناطق المخيم، حيث تم إعداد 592 قدر طعام، ما أسهم في تلبية احتياجات 30,200 وجبة للمستفيدين.
توفير مياه الشرب لسكان المخيم، حيث تم توزيع 416 كوب ماء خلال الشهر، لتخفيف معاناة العطش التي يرزح تحتها أهالي المخيم.
استهداف الأطفال بتوزيع مكملات غذائية، حيث تم توزيعها على 1423 أسرة في المرحلة الأولى و226 أسرة في المرحلة الثانية.
بمشاركة المؤسسات الدولية، تم تخصيص صالة “سلسبيل” كموقع لتوزيع المساعدات، مما أسهم في دعم 2661 أسرة من سكان المخيم.
أما عن جهود دعم الخدمات الصحية، فقد تم توفير عيادة طبية متنقلة، وقد استقبلت 180 أسرة في المرحلة الأولى و250 أسرة في المرحلة الثانية، وشملت الحالات الصحية الخاصة بالنساء الحوامل، المرضعات، الأطفال دون سن الخامسة، وكذلك الحالات المصابة بالأمراض المزمنة. وكان الفريق الطبي الذي استقبل الحالات يتكون من ستة أطباء متخصصين، ضموا دكتورة نساء وولادة، ودكتورة تغذية، ودكتور أمراض مزمنة، ودكتور أطفال، وصيدلي، وطاقم تمريضي من الحكيمات.
ولم تتوقف الأنشطة عند هذا الحد، فقد تم توزيع سلال الخضار على 313 أسرة من أسر المخيم، وكذلك توزيع طرود غذائية على 2260 أسرة في ثلاث مراحل مختلفة، إضافة إلى توزيع أكياس طحين بوزن 20 كغ لكل أسرة، مستفيدًا منها 200 أسرة داخل المخيم.
هذه الجهود الجماعية هي ترجمة حقيقية لروح التضامن والإرادة الشعبية التي لا تنكسر. وما تزال اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم المغازي، بتوجيهات واصف أبو مشايخ، تسعى بلا توقف في تحقيق استجابة إنسانية فعالة ومستدامة. ولعل ما يميز هذا العمل هو شجاعته واستمراريته في مواجهة كل التحديات التي تفرضها الحروب، حيث يستمر هذا الجهد الإغاثي المتواصل من أجل تعزيز صمود مجتمع اللاجئين، وتحقيق الأمل الذي لا يموت في قلوبهم.
وفي النهاية، تظل اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم المغازي مثالًا حيًا على أن الإرادة يمكنها بناء أملٍ جديد في أحلك الظروف، وأن العمل الإنساني لا يعترف بالحدود أو بالزمن، بل هو سعيٌ متواصل على درب الحرية.