القناة 12 : حماس كحزب الله وغزّة كجنوب لبنان
الجيش يهرب من القطاع كما فر من جنوب لبنان
القدس المحتلة – المواطن
إسرائيل في أسوأ وضعٍ منذ إقامتها في العام 1948، فهي تعيش أزماتٍ على جميع الأصعدة، اجتماعيًا، اقتصاديًا، سياسيًا، والتهديد الأكبر من كلّ ذلك، طبعًا غير الحرب الشاملة، ازدياد عزلتها الدوليّة وتحولّها لدولةٍ منبوذةٍ وقذرةٍ في جميع المحافل، وفق ما يؤكّده الخبراء في الكيان، كما أنّ الشرخ داخل دولة الاحتلال بات يتسِّع أكثر وأكثر بين مؤيِّدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومعارضيه، واتهامه بأنّه يعمل على إطالة أمد الحرب في غزّة بهدف البقاء في منصبه، هذه الحرب التي لم تُحقق أيّ إنجازٍ يُذكر، رغم عدم تكافؤ القوّة بين جيش الاحتلال، المدعوم عالميًا، والمقاومة الفلسطينيّة التي تخوض الحرب وحدها.
وفي هذا السياق، أكّد الباحث السياسيّ، في (معهد أبحاث الأمن القومي) الإسرائيليّ عضو الكنيست السابق عوفر شيلح، أنّ جيش الاحتلال أصيب بفشل مزدوج في غزة بسبب سياسة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إذ لم يحقّق أي إنجازات عسكرية من جهة، وتعرض لأحداث صعبة من المقاومة الفلسطينية.
وكتب شيلح في موقع القناة الـ 12 الإسرائيليّة “الإعلان بشأن خروج قوات الفرقة 98 من منطقة خان يونس لم يكن سوى التوقيع الرسمي لِما كان معروفًا من الجميع قبل ذلك: منذ أكثر من شهر، الجيش الإسرائيلي لا يخوض عملية حسم في القطاع، ولا تقويض، ولا كلّ الكلمات الأُخرى التي ليس لها مغزى عسكري”.
وأوضح: “الجيش يشعر باليأس من المستوى السياسي مرتيْن: المرة الأولى، عندما رفض نتنياهو وحكومته إقامة غلاف سياسي، من دونه، يصبح العمل العسكري بلا معنى حقيقي. والمرة الثانية، عندما رفض المستوى السياسي، لأسباب سياسية، أنْ يأمر بالانتقال إلى ما سمِّي “المرحلة الثالثة”، أي إقامة خطوط دفاعية والانطلاق منها للقيام بعمليات استخبارية لضرب إعادة تنظيم حماس من جديد”.
وأضاف: “القيادة العسكرية أدركت أنّ إبقاء الاستعدادات حتّى نهاية شباط (فبراير) سيؤدي إلى فشل مزدوج: من جهة، سيمرّ الوقت من دون تحقيق إنجاز فعلي، بعد عدم تحقيق الأمل “المشكوك فيه” باغتيال أوْ إلقاء القبض على يحيى السنوار ومحمد الضيف. ومن جهة ثانية، إنّ وقوع أحداث محدودة صعبة، مثل سقوط 4 مقاتلين من وحدة الكوماندوس، سيرسخ الشعور بالتخبط في الوعي العام للجمهور”.
ورأى أنّه “سبق أنْ عاش الجيش الإسرائيلي كلّ هذا في لبنان، حيث كبرت وتشكلت القيادة العسكرية الحالية، يُضاف إلى هذا كله التآكل المستمر لجنود الاحتياط والنظاميين الذين يقاتلون منذ السابع من أكتوبر الماضي”.
وأعرب شيلح عن شكوكه في صحة ما تعلنه قيادة الجيش عن عدد شهداء المقاومة الفلسطينية، وقال: “بينما يتفاخر الجيش بعدد المخربين الذين قُتلوا، أوْ اعتُقلوا في العملية، سأل المستوطنون في إسرائيل وقادة في المنطقة، وفي العالم، أنفسهم كيف تمكّنت حماس من إعادة تنظيم نفسها بسرعة في منطقة قمنا باحتلالها وتدميرها والقيام بعمليات تصفية فيها؟ وهي اليوم الجهة الأقوى بالنسبة لسكان شمال القطاع”.
ومضى قائلاً: “في المقابل، ازداد الضغط الدولي من أجل منع عملية كبيرة في رفح، وعمليًا، لإنهاء الحرب بالشكل الحالي. خروج الفرقة الأخيرة يجعل القوّة العسكرية الباقية في القطاع بحجم لواء في المحور الذي يفصل شمال غزّة عن جنوبها، وهذا اعتراف رسمي بأن المرحلة الثالثة باتت هنا، بعد تأخُّر مدة شهرين وضرر كبير”.
وأردف: “مع الأسف الشديد، هذا أيضًا إقرار عملي بكذب الحجة، التي بموجبها أنّ الضغط العسكري وحده سيدفع حماس إلى صفقة مختطفين، وهي الحجة التي كرّرها كبار المسؤولين في الجيش، بمن فيهم رئيس الأركان نفسه، قبل بضعة أيام”.
وأكّد أنّه “عمليًا، لا يُفرض أي ضغط عسكري حاليًا، والمساعدات الإنسانية صارت بحجم أكبر، بضغط أمريكي، وسكان غزّة يمكنهم التوجّه إلى الشمال، بينما الناطقون العسكريون يسوّقون الأمر على أنّه تقنية ذكية لإخراج جماهير اللاجئين من رفح. ومع عدم وجود كيان آخر يدير حياة السكان، فإنّ حماس تقوم بذلك تحت غطاء ما”.
وتساءل: “ماذا عن الأسرى؟ هم سيعودون ضمن إطار صفقة ستُنهي الحرب الحالية في نهاية المطاف. لكن حتّى لو حدث ذلك، لن نعرف أبدًا عدد الأرواح التي أزهقت خلال مرحلة الجمود السياسيّ وعمليات عسكرية قليلة الأهمية”.
وأضاف: “الوقت الذي أضعناه سيكون له تأثير خطِر بصورة خاصة: فهو يقلّص الشرعية التي تحظى بها إسرائيل، ويزيد في الضغط الدولي من أجل عزلنا سياسيًا وعسكريًا، ويُبعد رؤيا إنشاء ائتلاف إقليمي يشكّل وزنًا حقيقيًا مضادًا للمحور الإيراني”.
وشدّدّ على أنّ “اغتيال القائد الإيرانيّ حسن مهداوي بدمشق، والذي ليس له أهمية، يزيد من خطر بقاء إسرائيل وحدها في مواجهة (محور المقاومة)، مشيرًا إلى أنّ الإسرائيليين الذين هرعوا إلى المحال التجارية للتزود بالمياه والمعلبات، في الأسبوع الماضي، عبّروا بهذه الطريقة عن عدم ثقتهم بمعايير القيادة، وبقدرة الجيش على الدفاع عنهم”.
واختتم: “نتنياهو، والذي واصل أمس الأوّل كلامه الفارغ عن (النصر المطلق) والحديث عن تفكيك كتائب حماس في رفح، غير قادر على الانتصار في الحرب الكبرى”، مؤكدًا أنّ هناك شكًا كبيرًا في قدرة نتنياهو على تحقيق أيّ إنجازٍ.