أخــبـــــارفيديو المواطن

العودة إلى الدمار: نازحو غزة يواجهون واقعًا أشد قسوة من النزوح (فيديو)

غزة – المواطن

لم تدم فرحة آلاف العائلات الفلسطينية العائدة إلى شمال قطاع غزة طويلًا، إذ سرعان ما تحولت إلى مأساة قاسية أمام مشاهد الدمار الكامل وانعدام مقومات الحياة الأساسية. المنازل التي تركوها قبل أشهر لم تعد موجودة، والمياه والكهرباء والغذاء أصبحت عملة نادرة في مدينة أنهكتها الحرب.

عاد عشرات الآلاف من النازحين متشبثين بالأمل، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام واقع أكثر قسوة مما تخيلوا—دمار واسع، شحّ في المياه، وانعدام أي مقومات للحياة.

هشام العر، أحد سكان مخيم جباليا، وقف مذهولًا أمام أنقاض منزله المكوّن من عدة طوابق، حيث كان يعيش مع عائلته، وقال بغصة: “لا فيه حياة، لا فيه ماء، لا أكل، لا شرب، ولا شيء يساعدنا على العيش. الحياة هنا صعبة جدًا جدًا… جباليا انتهت.”

لم تكن مشكلته الوحيدة فقدان المنزل، بل إن أسرته الكبيرة الآن تضطر للعيش في خيام لا توفر أي حماية من البرد القارس. ومع غياب الكهرباء، تتحول الأحياء المدمرة إلى مناطق مظلمة موحشة مع حلول الليل.

رحلة العودة تتحول إلى صدمة
فهد أبو جلهوم، الذي كان يقيم في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة، قرر العودة إلى منزله في جباليا بعد طول انتظار، لكنه لم يكن يتخيل ما سيواجهه. يروي لـ”رويترز”:”كنا مشتاقين للشمال، لكننا عندما وصلنا وجدناه أشباحًا بلا أرواح. انصدمت، لم أستطع البقاء، فعدت إلى خان يونس على أمل أن يفرجها الله.”

رحلة العودة لم تكن سهلة، حيث اضطر الكثير من النازحين إلى السير على الأقدام لمسافات طويلة، حاملين ما تبقى لهم من ممتلكات، بعد شهور من التنقل بين أماكن النزوح بحثًا عن الأمان.

الناشط الفلسطيني يحيى حلس كتب على حسابه في “فيسبوك” أن العودة إلى غزة كانت مستحيلة بالنسبة لكثيرين بسبب ارتفاع تكاليف النقل.

وأوضح أن الرحلة إلى الشمال كانت سيرًا على الأقدام، ما جعل من المستحيل على العائدين حمل الخيام والأغطية والمستلزمات الأساسية.

وأضاف أن أقل تكلفة لاستئجار شاحنة للنقل بلغت 7000 شيكل، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم النازحين.

انا وكتير ناس رجعنا للجنوب لأنه ما لقينا مقومات الحياة لأطفالنا او مكان يأوينا لأنه رحنا مشي على الأقدام وبطولنا ،، من…

تم النشر بواسطة ‏يحيى هشام حلس‏ في الأربعاء، ٢٩ يناير ٢٠٢٥

“أبحث عن عائلتي بين الأنقاض”
وسط هذا الدمار، لم يعد البحث مقتصرًا على المأوى، بل تحول إلى مهمة العثور على المفقودين. خميس عمارة عاد إلى منزله في جباليا، لكن ليس ليستقر فيه، بل للبحث عن رفات والده وشقيقه، اللذين دفنا تحت الأنقاض. يقول بحزن: “أبي وأخي ما زالا هنا، تحت الركام، وأنا من خرجت حيًا.”

الدفاع المدني الفلسطيني قدّر أعداد المفقودين تحت الأنقاض بنحو 10 آلاف شخص، في ظل نقص الإمكانيات اللازمة لانتشالهم.

أزمة إنسانية مستمرة
رغم الأوضاع المأساوية، عاد نحو 650 ألف نازح إلى شمال القطاع، وفقًا للسلطات المحلية، لكن معظمهم اضطر إلى إقامة خيام مؤقتة، حيث لم يجدوا بيوتًا يعودون إليها.

وفي ظل هذه الكارثة، لا تزال المساعدات تصل بوتيرة بطيئة لا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات. فبحسب مسؤول في حماس، فإن ما دخل القطاع من وقود وغاز طهي لم يتجاوز 10% من الكميات المتفق عليها، بينما الحاجة الأولية تقدر بنحو 135 ألف خيمة، لكن ما وصل حتى الآن لم يتجاوز ألفي خيمة فقط.

ومع استمرار هذا الوضع، تزداد المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية، وسط تحذيرات من تأثير ذلك على تنفيذ الاتفاقات الجارية. وبينما يواجه السكان شبح الجوع والبرد والتشرد، يبقى السؤال الأهم: متى يأتي الفرج؟

زر الذهاب إلى الأعلى