الضفة هي القلعة الاخيرة ويجب ان لا تسقط
بقلم: نادين روز علي
لقد وضعت الحرب اوزارها في قطاع غزة، واختلف الفلسطينييون فيما بينهم حول توصيف الواقع بعد الحرب التي شنتها اسرائيل على القطاع. فمنهم من اعتبر ان النهاية تشكل انتصارا حقيقيا للمقاومة وحركة حماس ام صمد ابناؤها في معركة بطولية كانت الاقسى.
أما الطرف الاخر قد رأى بأن هذه الحرب كانت كارثة وطنية على الفلسطينيين، فيما جلبته من دمار وخراب واندثار سيحتاج الى عقود من اجل ازالة اثار العدوان.
وبين الرأيين وفي ظل السجلات التي تشهدها القضية الفلسطينية، تبرز قضية الضفة الغربية. بحيث تبدو القلعة الاخيرة للفلسطينيين بعد ان ضرب غزة بقوة وباتت بحاجة الى عقود من الاعمار.
الضفة الغربية هي القلعة الاخيرة. فيجب ان نحافظ عليها كفلسطينيين وان لا نغفل عنها ونخسر كل شيء. لا يمكن لنا ان نسمح بان لن نجد حلا سوى التهجير القسري او الطوعي. لن تكون المصطلحات مهمة اساسا، لان النتيجة ستكون اهم. واخشى ان تكون النتيجة والامكانية الوحيدة للصمود يوما ما هي الهجرة.
كما هو معروف، ان الضفة الغربية والسيطرة عليها امرا محسوما بالنسبة لليمين القومي الديني، والتنازل عنها يعني التنازل عن البعد التوراتي لدولة اسرائيل. أما بالنسبة للعلمانيين في اسرائيل، فان الضفة تشكل بعدا سياسيا واقتصاديا وهذان البعدان من الممكن ان يتم التعامل معهما ببراغماتية.
ان الصدام بين الفلسطينيين والاسرائيليين قادم لا محالة في الضفة الغريية، وهذا يعني بان الضفة القلعة الاخيرة للفلسطينيين لا يمكن ان يجازفوا بأن تنهار في اي لحظة وتحدث الكارثة.
لذلك، على الفلسطينيين ان ينتبهوا الى ما ممكن أن يتحول في لحظة الى كارثة استراتيجية لا يمكن معالجتها او الرجوع عنها.
ان العقل والحكمة دليل ضالة المؤمن في هذه المرحلة وفي غيرها. وان فتح المواجهة على مصراعيها مع اسرائيل في الضفة الغربية ستقود الى معركة لا نملك فيها ادوات الانتصار في ظل المتغيرات الاقليمية والدولية. وبالنظر الى المحيط وايضا الى العالم، سنفهم ان ادواتنا الحقيقية ليست عبر المواجهة العسكرية وانما من خلال اثبات الحق والدفع بالعالم الى ان يعترف بهذا الحق واقناعه باننا لا نبحث عن اكثر مما منحته لنا الشرعية الدولية عبر نصف قرن من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
ايضا، ان الدور الحقيقي للدبلوماسية الفلسطينية بدأ الان بالاثبات ان من حقنا ان نحصل على دولة في اطار القرارات الشرعية التي اعترفت بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران في العام ١٩٦٧. ويجب ان يكون الحراك في كل اتجاه، دون ان ننزلق الى صراع مسلح نحن الاضعف فيه والاقل حيلة. ومع اقتناع العالم بعد غزة بانه يجب ان يكون حلا للقضية الفلسطينية، ياتي دورنا ان نبادر بطرح الحلول وان نسعى لنظهر للعالم، باننا نسعى الى العيش بأمان وبناء دولة قادرة على الحياة، ونحفز الاقليم على ان يكون جزءا من الطرح لاسيما الدول المؤثرة مثل السعودية والاردن ومصر.
اما في الداخل الاسرائيلي فان هذا الداخل غالبيته بعد هذه الحرب المدمرة يريد ان يفتح ابوابا جديدة للحياة بعكس التيارات المتطرفة التي تبحث عن ابواب جهنم.
يجب أن يصل الصوت الفلسطيني الى دول اوروبا بان الحل العسكري والامني سينتهي بحرب لن يدفع الفلسطيني ثمنها فقط بل والاسرائيلي ايضا.
وعليه، فان الحل الامثل هو بالوصول الى تسوية تعيد للاجيال المقبلة الامل بواقع جديد ينهي صور الحرب المؤلمة ويستبدلها بصور السلام المشرق، بهذه الطريقة فقط ممكن الحفاظ على القلعة الفلسطينية الاخيرة من الانهيار.