الصحفي فادي ثابت من غزة يوجه النداء الأخير

وجه الصحفي الفلسطيني فادي ثابت النداء الأخير بشأن الأحداث الأليمة التي تمر بها قطاع غزة
النداء الأخير …..
نحن في غزة… حالنا كحال هذا الشاب.
تعبنا، أُهِنّا، سُحِقت كرامتنا. صار ابن العزّ يُصوَّر لأجل لقمة، كأنها تُمنح بصدقةٍ مغموسةٍ بالذل والمهانة. حياتنا طوابير لا تنتهي—طابور الخبز، طابور الماء، طابور الدواء، طابور المعونة… كأننا محكومون بالانتظار الأبدي، وكأن الجوع قدرٌ لا فكاك منه.
كنا أهل عزّ، نعرف الشبع والكرامة، فإذا بنا نقف على أعتاب من لا شرف له، نستجدي ما يسد رمقنا بثمنٍ من الإذلال. جيلٌ كامل أُجهضت أحلامه، نُسفت آماله، ضاعت دراسته، وسُلبت منه الحياة قبل أن تبدأ. كبروا مائة عام في أشهر معدودات، يحملون في عيونهم أعمارًا من العذاب لم تُكتب لهم.
نفرّ من ركامٍ إلى ركام، من مأوى مؤقت إلى آخر، في رحلة تيهٍ مذلة، وما إن نجد بقعة نستظل بها حتى يُفرض علينا الرحيل من جديد. أنظروا إلى هذا الشاب… وجهه وحده يحكي المأساة، مثلما وجوهنا جميعًا تروي ما لم تعد الكلمات تحتمله.
بيوتنا، أحلامنا، أرزاقنا، كلها دُفنت تحت الأنقاض. لم يبقَ لنا سوى نداء أخير لكل صاحب ضمير، لكل مسؤول، لكل إنسان لم تُطفأ إنسانيته—حررونا، اعتقونا، حتى وإن رأيتمونا عبيدًا، فأطلقوا سراحنا لوجه الله.
يا عالم، يا ناس… نحن لسنا صامدين، نحن عالقون، مستنزفون، بلا خيار، بلا مفر، بلا مستقبل.