شؤون فلسطينيةمجتمعمنوعات

رواية السنوار “الشوك والقرنفل” .. لماذا أشادت بجنود مصر وتنبأت بمصيره؟

غزة – المواطن

تصدرت في الساعات الأخيرة رواية “الشوك والقرنفل” التي كتبها الشهيد القائد يحيى السنوار اهتمام منصات التواصل، فاعتبرها كثيرون “مفاجأة من العيار الثقيل”، بحيث تبين للمرة الأولى أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي استشهد بشكل دراماتيكي تابعه العالم، كان مؤلفا روائيا.

وكتب السنوار هذه الرواية عام 2004 وهو في أحد السجون الإسرائيلية بمدينة بئر السبع، والتي تمّ تهريبها عبر الأسرى الى خارج المعتقلات، ستتيح لقارئها من خلال مضمونها التعرف أكثر على شخصيته وأفكاره حول قضيته وأمته والعدو الذي يجابهه والعالم الذي يحيط به.

وقد دأب العشرات في المعتقلات، لنسخها ومحاولة إخفائها عن عيون السجانين، وبذلوا جهداً جباراً في ذلك، وفي سبيل إخراجها الى الخارج، لتكون في متناول القراء داخل فلسطين وخارجها، لتقدّم لهم الواقع كما هو. وكان معبّراً جداً، إهداء السنوار لها، إلى كل من أحب فلسطين من المحيط المحيط.

هي ليست رواية بالمعنى الجمالي والنقدي المتعارف عليه، بقدر ما يحتوى العمل على مشاهدات وقصص وحكايات متفرقة عاشها المؤلف وكان شاهد عيان عليها.

وتقدم الرواية تسلسلا لأبرز محطات القضية الفلسطينية، من وجهة نظر أسرة غزاوية تعيش بمخيم “الشاطىء”، وكيف أصبحت المواجهة المسلحة هى السبيل الوحيد لإدارة الصراع من وجهة نظر أفرادها، لا سيما أحمد صاحب المواقف المتشددة.

وصدّر السنوار الرواية بقوله: “هذه ليست قصتي الشخصية وليست قصة شخص بعينه، على الرغم من أن جميع أحداثها حقيقية. كل حدث منها أو كل مجموعة من أحداث تخص هذا الفلسطيني أو ذاك”.

ويضيف: “الخيال في هذا العمل هو فقط في تحويله إلى رواية تدور حول أشخاص محددين ليتحقق لها شكل العمل الروائي وشروطه، وكل ما سوى ذلك حقيقي، عشته وكثير منه سمعته من أفواه من عاشوه، هم وأهلهم وجيرانهم على مدار عشرات السنوات على أرض فلسطين الحبيبة”.

وقد بيّنت الرواية كيف حوّل الفلسطينيون “انكسارهم” إلى عزة، بعد معركة الكرامة 1970 التي هزموا خلالها الجيش “الإسرائيلي”، وكيف فرحوا كثيراً لوصول أول صواريخ عربية – عراقية – إلى عاصمة الكيان المؤقت تل أبيب، والتي أطلقها الجيش العراقي خلال حرب الخليج. ورغم أن هذه الصواريخ لم تكن دقيقة في تصويبها، إلا انها أرعبت “الإسرائيليين” كثيراً، وهذا ما عبّر عنه السنوار في الرواية قائلاً: “صورة الهلع الذي هز عمق الكيان المغتصب قد زادت قناعة الناس بهشاشة هذا العدو”.

ويحقق اللجوء إلى قالب الكتابة الأدبية أكثر من فائدة للمؤلف، منها حرية تغيير الأسماء وملامح الشخصيات، على عكس أسلوب المذكرات الصريحة المباشرة الذي يجلب المشكلات لأسير يواجه اتهامات خطيرة ويخضع للاعتقال.

ربما كان ملفتا أن يكون الفصل الأول مركزا على الإشادة القوية بالجنود المصريين المرابطين على الحدود، وعطفهم وحنانهم، في إشارة إلى أهمية مصر ومحورية دورها في دعم القضية الفلسطينية على مدار السنوات مهما اختلفت فصولها ومراحلها بداية مما قبل حرب ١٩٤٨ وحتى الآن.

وكان لافتا أن الرواية تبرز العلاقة الجيدة بين الجيش المصري وأهالي غزة تاريخيا، إذ يقول الراوي: “كان الجنود المصريون في ذلك المعسكر يحبوننا كثيرا، أحدهم تعرف علينا وعرفنا بالأسماء، فإذا ما أطللنا نادى علينا.. محمد أحمد.. تعالا هنا..”.

ويضيف: “نذهب إليه ونقف إلى جواره، نتدلل ونحني رؤوسنا في انتظار ما سيعطينا كالعادة، فيمد يده إلى جيب بنطاله العسكري ويخرج لكل واحد منا قطعة من حلوى “الفستقية”، يلتقط كل واحد منا قطعته ويبدأ بقضمها بنهم شديد، يُربت ذلك الجندي على أكتافنا ويمسح على رؤوسنا ويأمرنا بالرجوع”.

وتستمر الرواية في التعامل مع الأحداث السياسية والشخصيات وكأنها مقال سياسي يهدف إلى تحقيق عدة أهداف، من بينها ما يمكن اعتباره إرهاصات تتنبأ بمسار أحداث مثل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وما يشبهها.

ولا تخلو الرواية من بعض المواقف الفكاهية على طريقة “الكوميديا السوداء” أو “شر البلية ما يضحك”، فيقول الراوي: “في أحد الأيام كان الجو شديد البرودة وعاصفا، تبلّل غالبيتنا من مياه المطر في طريق ذهابنا إلى المدرسة. بعد أن تناولنا الحليب، دخلنا فصلنا وجلسنا على مقاعدنا نرتجف”.

ويضيف: “دخل الأستاذ الشيخ علينا، كأنه أدرك أننا لسنا بحالة تسمح لنا بالدراسة أو القراءة أو الفهم، فأراد أن يُضحكنا قائلاً: يا أولاد تخيّلوا أن السماء تمطر الآن أرزًا ولحمًا.. حدثت ضوضاء في الصف ونسينا البرد والبلل على ذكر الأرز واللحم، وبدأنا نتحدث دون نظام: أنا لن آكل غير اللحم.. أنا أحب الرز… أنا… أنا”.

ويتابع: “تركنا الشيخ نلهو ونلعب ونعيش أحلام الأرز واللحم بضع دقائق، ثم صرخ فينا: اسكتوا.. الله يجعلها تمطر جرادًا تعضكم جميعًا مرّة واحدة”.

مشهد مثير في رواية السنوار يلقى تفاعلا واسعا

أثار نص في رواية الشوك والقرنفل، تفاعلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وجاء في روايته، حديث يوجهه إلى أمه ويقول فيه: “الآن جاء الموعد يا أماه، فلقد رأيت نفسي أقتحم عليهم مواقعهم، أقتلهم كالنعاج ثم أستشهد، ورأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك، مرحى بك!”.

وتفاعل معلقون مع النص الذي يشبهونه بنهاية السنوار، بعد عملية طوفان الأقصى، التي أطاحت بكتيبة غزة التابعة لجيش الاحتلال بالكامل، بعد اقتحام مواقعهم، ثم خاتمة استشهاده مشتبكا مع جنود الاحتلال.

وقال نشطاء إن السنوار، كان يرسم حتى نهايته قبل عقود وهو خلف جدران سجون الاحتلال، ويرى الخاتمة من بعيد، وعلق آخرون:

لتحميل رواية الشوك والقرنفل اضغط هنا

زر الذهاب إلى الأعلى