الذكرى الـ 60 لانطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة “فتح”
رام الله – المواطن
تصادف غدًا الأربعاء، الأول من كانون الثاني/ يناير 2024، الذكرى الستون لانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، التي بدأت مع تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” في الأول من يناير عام 1965.
البدايات: النشأة والتأسيس
تأسست حركة “فتح” عام 1958 على يد مجموعة من الشباب الفلسطيني الذين شاركوا في العمل الفدائي بقطاع غزة عام 1953، وفي مواجهة العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. كان من بين مؤسسيها ياسر عرفات، خليل الوزير، محمود عباس، وغيرهم من القيادات البارزة التي وضعت هدف تحرير فلسطين نصب أعينها.
انطلقت “فتح” سرًا عبر تنظيم خلايا في مختلف المناطق الفلسطينية ودول الجوار، وشهدت توسعًا تدريجيًا بفضل التزامها بقضية التحرير، مع اشتراطات أساسية للعضوية، مثل الإيمان بتحرير فلسطين والنقاء الأمني والأخلاقي.
الطلقة الأولى: نفق عيلبون
في الفاتح من يناير 1965، نفذت “فتح” عمليتها العسكرية الأولى بتفجير نفق عيلبون، الذي كانت إسرائيل تستخدمه لسحب مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب لدعم الاستيطان. رغم تقديمها أول شهيد في العملية، أحمد موسى سلامة، نجحت المجموعة الفدائية في العودة إلى قواعدها، لتسطر بداية الكفاح المسلح ضد الاحتلال.
بلاغ عسكري رقم (1): البداية الرسمية
أعلنت “فتح” انطلاقتها من خلال البلاغ العسكري الأول، مؤكدة تنفيذ العملية وداعيةً العرب والأحرار حول العالم لدعم النضال الفلسطيني.
مرحلة ما بعد النكسة: تصاعد الكفاح المسلح
بعد هزيمة الجيوش العربية في يونيو 1967 واحتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، أعادت “فتح” تشكيل خلاياها السرية داخل الأرض المحتلة ونفذت أكثر من 130 عملية فدائية في الشهر الأول للاحتلال.
معركة الكرامة في 21 مارس 1968 شكّلت منعطفًا هامًا، حيث تمكنت قوات “فتح” بمساندة الجيش الأردني من صد هجوم إسرائيلي، مما عزز مكانة الحركة وجناحها العسكري “قوات العاصفة” في الساحة الفلسطينية والعربية.
الصمود في لبنان: ملحمة بيروت
في يونيو 1982، خاضت “فتح” معركة شرسة ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان، تميزت بصمود أسطوري استمر 88 يومًا في بيروت. ورغم الحصار والقصف، أجبرت الظروف الحركة على مغادرة لبنان إلى دول عربية أخرى، مع انتقال القيادة إلى تونس.
الانتفاضات والمبادرات السياسية
ساهمت “فتح” بفعالية في انتفاضة الحجارة عام 1987، حيث كان الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) من أبرز قادتها، حتى اغتاله الموساد الإسرائيلي. تكللت الانتفاضة بإعلان قيام دولة فلسطين في الجزائر عام 1988.
وفي مطلع التسعينيات، فرضت “فتح” تمثيلها للشعب الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، مما مهد لتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993 وعودة القيادات الفلسطينية إلى الوطن، وبدء مرحلة بناء مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
دور تاريخي ومسيرة مستمرة
ظلت حركة “فتح” طيلة العقود الماضية رمزًا للنضال الفلسطيني، ومرت بمراحل سياسية وعسكرية مختلفة، قدمت خلالها قيادات وشهداء تركوا بصمات واضحة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال.
اليوم، تتجدد الذكرى لتؤكد استمرار النضال الفلسطيني من أجل تحقيق الأهداف الوطنية، واستعادة حقوقه التاريخية المسلوبة.