الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة.. هل حققت أهدافها؟
كتبت أمينة خليفة :
حالة واسعة من التضامن مع غزة شهدتها جامعات العالم وخاصة الجامعات الأمريكية والأوروبية على مدار العام الماضي، وذلك بعد شن إسرائيل واحدة من أعنف الحروب الدامية على قطاع غزة، والتي خلفت حتى الآن 45 ألف شهيد إضافة إلى 107 آلاف جريح، بينهم 18 ألف طفل شهيد، كما ارتكب الاحتلال حوالي 10 آلاف مجزرة، ليحول القطاع إلى مقبرة فلسطينية كبيرة.
وعلى إثر ذلك، شهدت الجامعات الأميركية والأوروبية، موجات واسعة من التظاهرات والاحتجاجات الطلابية، والتي طالبت بوقف الحرب على قطاع غزة، وذهب البعض إلى التخييم داخل الحرم الجامعي وتحويله إلى معسكرات اعتصام، لزيادة الضغط على السلطات من أجل التنديد بالحرب الإسرائيلية على غزة، وكذلك النداء بقطع العلاقات مع تل أبيب في خطوة لأن ترفع دولة الاحتلال يدها عن أهالي غزة، وتوقف مسلسل القتل والتجويع والتشريد الذي يعيشونه الأهالي منذ أكثر من عام.
وكانت شرارة اندلاع الاحتجاجات ضد الهجوم الإسرائيلي على غزة، قد بدأت بجامعة كولومبيا في نيويورك، وفي نقس الوقت تدخلت شرطة نيويورك بطلب من إدارة الجامعة لفض الاعتصام، مما أسفر عن اعتقال أكثر من 100 متظاهر.
وبعد هذه الواقعة، اندلعت شرارة الاحتجاجات في جامعات أخرى في جميع أنحاء العالم، والتي تندد بالحرب على غزة وتطالب سلطات بلادها بقطع العلاقات فورا مع إسرائيل والضغط عليها لوقف تلك الحرب.
ومن بين الجامعات التي شهدت احتجاجات ضخمة ورد فعل سريع، هي جامعات ميشيغان ونورث كارولاينا وكاليفورنيا، وعادة ما انتهت الأحداث بفض المعسكرات واعتقال الطلاب المشاركين.
ولكن، إذا بحثنا عن نتائج هذا الحراك الطلابي، فنجد أنه حقق نجاحا ملحوظا في لفت الأنظار إلى القضية الفلسطينية، كما أجبر كبار المسؤولين في البيت الأبيض، وعلى رأسهم الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، على مناقشة الموضوع علناً، وإعادة النظر في التأييد والدعم المطلق لإسرائيل على حساب شعب غزة الذي يقتل ويباد يوميا.
وربما يكون هذا الزخم من الاحتجاجات الطلابية خاصة في الجامعات الأمريكية، قد نجح في الضغط على السلطات الأمريكية بأن تغير موقفها مع إسرائيل وتعيد النظر في مسألة الدعم المتواصل واللانهائي لدولة الاحتلال، وكذلك الدعم التسليحي من أجل قتل أطفال غزة!
وقد نادت تلك الاحتجاجات بضرورة التوصل إلى تسوية سلمية في الشرق الأوسط أو وقف إطلاق النار، ورغم أنها لم تحقق هذا الهدف إلا أنها اكتسبت زخما واهتماما كبيرا، وأعادت طرح القضية الفلسطينية بمنظور مختلف أمام الأجندة الدولية، وهذا قد يدفع المسؤولين إلى مناقشة وإعادة النظر في علاقتهم مع إسرائيل، وإعادة ترتيبها بالشكل الذي قد يرضي الشباب الثاشر وأيضا بالشكل الذي قد يدعم حق الشعب الفلسطيني في الحياة والنجاة من الموت والتصفية على يد إسرائيل.
ولكن المسألة هنا تتعلق بشلل المؤسسات الأممية الفاعلة ووجود قصور في دور الأمم المتحدة، فالجامعات نجحت في إعطاء الزخم للقضية الفلسطينية، ونجحت في تقريب صورة ما يجري في فلسطين في المجتمعات الغربية التي كانت لا تكثرث كثيرا لملف فلسطين، وبالفعل حدث تعاطف دولي كبير يكبر ويفيد بأن القضية الفلسطينية باقية ومهمة ويجب أن يكون لها حل عاجل وسريع.
ويبقى الفضل في هذه النتائج متمثل في دور الجامعات في النداء بضرورة إيقاف الحرب، فحقا الجامعات لا تملك سلطة قانون ولا أداة ضغط على حكوماتها ولكنها تضع اسرائيل في حرج كبير، لأن تفتح أعين الناس على الحقيقة التي تخفيها وسائل الإعلام، وأن تعيد القضية الفلسطينية إلى دائرة المناقشات الدولية من جديد لتضع حدا للحرب الإسرائيلية على غزة، أو تقدم حلا لتلك الأزمة والقضية إنصافا للإنسانية وحقوق الشعب الفلسطيني.