احتكار وقصف وجوع وعمولات باهظة: سكان غزة بين المعاناة واليأس (فيديو)
غزة – المواطن
يشهد قطاع غزة أزمة غذائية غير مسبوقة، حيث أصبحت رفوف المحال التجارية والأسواق خالية تمامًا من المواد التموينية الأساسية. الدقيق، السكر، والزيت، وغيرها من السلع الحيوية، اختفت من المشهد بسبب انقطاع الإمدادات وعدم وجود مخزون كافٍ، مما دفع الأفران إلى إغلاق أبوابها.
أبو محمد، وهو رب أسرة من سكان غزة، يعبر عن حجم المعاناة قائلاً: *”لم يعد بإمكاننا توفير رغيف خبز لأطفالنا. كل يوم نستيقظ على أزمة جديدة، لكن الجوع هو أصعب ما يمكن تحمله.”*
حذرت وزارة الاقتصاد الوطني من أن القطاع يقترب بسرعة من كارثة إنسانية، مشيرة إلى أن الكميات الضئيلة من المواد الغذائية التي تدخل عبر المعابر الإسرائيلية لا تكفي لتغطية احتياجات السكان البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.
ارتفاع جنوني في عمولات السحب النقدي
أزمة السيولة النقدية تفاقمت بشكل مقلق مع ارتفاع نسبة العمولة المفروضة على سحب الأموال من البنوك إلى 35%. المواطنون، الذين يعتمدون بشكل رئيسي على الحوالات الخارجية أو رواتب شحيحة، وجدوا أنفسهم مجبرين على دفع مبالغ باهظة مقابل الحصول على أموالهم.
يقول سامر، وهو موظف حكومي: *”عندما أسحب 100 دولار، يصلني 65 دولارًا فقط. ما يتبقى بالكاد يكفي لسد رمق أسرتي. العمولة سرقة مقنعة، لكن لا خيار أمامنا.”*
من جهتها، بررت البنوك هذا الارتفاع بنقص العملة الورقية في القطاع بسبب توقف التحويلات البنكية، لكن المواطنون يرون في ذلك استغلالاً للأزمة.
الاحتكار يضيف الزيت على النار
وسط انهيار اقتصادي ومعيشي، ظهرت مشكلة جديدة تزيد من معاناة السكان: احتكار بعض التجار للمواد الغذائية القليلة المتوفرة. أسعار السلع ارتفعت بشكل جنوني، حيث قفز سعر كيس الدقيق من 5 شواكل إلى 20 شيكلًا، وهو ما يفوق قدرة المواطنين على الشراء.
أبو أحمد، أحد سكان القطاع، قال: *”حتى العدس، الذي كان غذاء الفقراء، أصبح من الكماليات. التجار يستغلون الجوع لتحقيق أرباح خيالية، بينما نكافح نحن من أجل البقاء.”*
الجهات الحكومية وجهت نداءات لضبط الأسواق ومحاسبة المحتكرين، لكن ضعف الإمكانات وغياب الدعم الدولي جعلا من هذه المهمة شبه مستحيلة.
فيما قال احد المواطنين المتواجدين في منطقة جنوب قطاع غزة والتي تسمى المناطق الأمنة: انقطع الطحين عن السوق ونزل بداله النسكافيه والاندومي والاسعار غالية جداً
النازحون: بين الجوع والغرق
الأزمة الغذائية تزامنت مع موجة أمطار غزيرة أغرقت خيام آلاف النازحين في القطاع. المشردون الذين فقدوا منازلهم جراء القصف باتوا الآن يواجهون كارثة مزدوجة: الجوع والبرد.
فرق الدفاع المدني أعلنت أن الأمطار الغزيرة فاقمت معاناة النازحين بشكل كبير، إذ غمرت المياه خيامهم وأتلفت ما تبقى لديهم من مواد غذائية.
كارثة إنسانية تلوح في الأفق
المؤسسات الحقوقية والإنسانية دقت ناقوس الخطر، مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإنقاذ قطاع غزة من كارثة شاملة. فتح ممرات إنسانية دائمة لإدخال الغذاء والدواء أصبح ضرورة ملحة لإنقاذ حياة الملايين.
ورغم المناشدات، يظل الوضع على حاله، مع استمرار الحصار الإسرائيلي وغياب أي بوادر لحل قريب. سكان غزة اليوم يعيشون أسوأ مراحل حياتهم، تحت وطأة الجوع، الفقر، والحصار، وسط غياب كامل للعدالة الإنسانية.
نداء عاجل للعالم
أمام هذا الواقع الكارثي، يتساءل الفلسطينيون في غزة: متى ينتهي هذا الحصار؟ ومتى يتحرك العالم لرفع الظلم وإنقاذ الأرواح التي تزهق يوميًا، ليس فقط بسبب القصف، ولكن بسبب الجوع الذي بات أشرس أعدائهم؟