اتفاق بلا أفق: قراءة في مسودة تهدئة غزة
خاص المواطن – غزة
مع ترقب الإعلان عن مسودة اتفاق التهدئة بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، تثير بنود الاتفاق تساؤلات واسعة حول مضامينه وأثره الفعلي على مستقبل القطاع والشعب الفلسطيني.
**مفاوضات بولاية محدودة**
تأتي هذه المسودة في ظل استمرار حالة القتل والدمار في غزة، إلا أنها تكشف عن تفاوض حماس بشكل منفرد بعيدًا عن الإطار الوطني الجامع، حيث ترى بعض الأطراف أن التفاوض يمثل شأنًا وطنيًا لا يمكن حصره في حركة واحدة، خاصة أن الاتفاق لا يوضح الجهة التي ستتولى مسؤولية القطاع بعد الانسحاب، مما يفتح المجال لتكريس سلطة حماس كأمر واقع.
**غياب وضوح الانسحاب الكامل**
لم تتضمن المسودة نصوصًا واضحة وصريحة بشأن انسحاب إسرائيلي كامل من غزة. بدلاً من ذلك، تشير إلى إعادة انتشار وتموضع داخل القطاع وعلى حدوده، دون تحديد المناطق العازلة أو مصير السيطرة الأمنية الإسرائيلية.
**صفقة متدرجة بتأثير إسرائيلي**
الهيكلية المكونة من ثلاث مراحل، التي دفعت بها إسرائيل، تمثل استراتيجية وصفتها حكومة نتنياهو بـ”الصفقة المتدحرجة”، حيث تحقق مكاسب تدريجية لإسرائيل دون الالتزام بصفقة شاملة تُنهي الحرب.
**تباين الأولويات بين الطرفين**
بينما ركزت بنود الاتفاق على ضمان الإفراج عن المخطوفين الإسرائيليين بتفاصيل دقيقة وإلزامية، كانت البنود الخاصة بالانسحاب وعودة النازحين الفلسطينيين أقل وضوحًا. كما أن القبول بالمراقبة الأمنية الإسرائيلية لعودة النازحين يعد تنازلاً جديدًا من حماس.
**إعادة الإعمار رهن النوايا الإسرائيلية**
أُحيلت ملفات إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية إلى إرادة إسرائيل، دون وجود أي التزامات دولية تضمن تنفيذها. كما أن تقديم المساعدات أصبح مشروطًا بسلوك حماس، مما يضع السكان تحت رحمة قرارات متقلبة.
**اتفاق بلا أفق سياسي**
اللافت أن الاتفاق يفتقر إلى أي بعد سياسي أو التزام بوقف شامل للعدوان، مما يُبقي الوضع مرهونًا باستنزاف مستمر لحماس، وسط غياب أي ضمانات دولية تُلزم إسرائيل بتنفيذ تعهداتها.
**الغزيون بين الواقع والطموح**
رغم الانتقادات الواسعة، فإن سكان غزة، الذين يعيشون ظروفًا مأساوية، يرون في أي اتفاق فرصة لوقف نزيف الدماء وإنهاء معاناتهم، بغض النظر عن تفاصيله. بالنسبة لهم، إنهاء حالة التشرد والبؤس يأتي في المقدمة، ولو على حساب التطلعات الوطنية الكبرى.
**ختامًا**
يبقى السؤال قائمًا: هل يمثل هذا الاتفاق خطوة نحو التهدئة الحقيقية، أم أنه تكريس لواقع سياسي وأمني جديد يعمّق معاناة الفلسطينيين في غزة؟