“إسرائيل” وشركاتها معزولة عن العالم بسبب خطوط الطيران
القدس المحتلة – المواطن
أدّت الحرب على غزة إلى مقاطعة جهات عالمية للمؤلفين والكليات في إسرائيل، ووقف التعاون مع علمائها، كما أثارت احتمال إصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤوليها. لكن لا شيء من ذلك جعل الإسرائيليين يشعرون بالعزلة أكثر من الانخفاض الهائل في الرحلات الجوية من البلاد وإليها.
تم تعليق الخطوط المباشرة إلى عشرات المدن الكبرى –واشنطن العاصمة، وسان فرانسيسكو، وتورونتو، وهونغ كونغ، ونيودلهي– مما أدى إلى تقلص لقاءات العمل المباشرة وكذلك الشحن المعتمد على رحلات الطيران الخاصة بالركاب.
من بين 20 شركة طيران كانت تهيمن على السوق قبل الحرب، تكاد الشركات الإسرائيلية تكون هي الوحيدة الباقية، إذ انخفض عدد الطائرات والركاب في مطار بن غوريون بنسبة 40% في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، وفقاً لهيئة المطار.
جاء التأثير الأكبر من خسارة شركات طيران أميركا الشمالية، مثل “دلتا إيرلاينز”، و”يونايتد إيرلاينز”، و”أميركان إيرلاينز”، و”إير كندا”.
فعلى الرغم من أن مطار بن غوريون لم يتعرض لسقوط صواريخ عليه، تقول الشركات إنها تخشى على سلامة ركابها مع إطلاق الصواريخ من اتجاهات مختلفة، كما أن أطقم الطائرات غير راغبة في قضاء الليل في تل أبيب.
حلول من قطاع التكنولوجيا
مع دخول الحرب شهرها الرابع عشر وغياب أي نهاية لها في الأفق، يسعى قادة قطاع التكنولوجيا الفائقة الإسرائيليون، الذين يواجهون تراجعاً في المستثمرين والنشاط التجاري، إلى إيجاد حلول. وأحد هذه الحلول، المقرر أن يبدأ في يناير، يسمى “إيرتك” (Airtech)، ويهدف إلى إطلاق رحلات طيران عارض ثلاث مرات أسبوعياً من الولايات المتحدة وإليها.
يقول أوري هيدومي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “مازور روبوتيكس” (Mazor Robotics) ورائد الأعمال المخضرم، الذي يساعد في وضع هذه الخطة: “مشروعنا بسيط. سنستأجر طائرات للسفر من إسرائيل إلى الولايات المتحدة والعودة، ويشمل ذلك جميع الخدمات اللوجستية. فحتى تمارس العمل تحتاج إلى مقابلة الشركاء وجهاً لوجه، إذ يجب عليك توطيد العلاقات”.
حل آخر يأتي من شركة صغيرة تسمى “إير حيفا” (Air Haifa) التي تقوم الآن بتسيير رحلات جوية إلى قبرص ست مرات يومياً تستغرق نصف ساعة، مما يسهل الربط ببقية العالم.
بدأت مشاكل الطيران مباشرةً بعد أن هاجمت حماس جنوب إسرائيل قبل 13 شهراً، ودخول حزب الله للصراع في الشمال، وما نتج عن ذلك من إطلاق آلاف الصواريخ. شنت إسرائيل حروباً على غزة ولبنان وتبادلت الهجمات مع إيران.
توقف الشركات الأجنبية
توقفت شركات الطيران الأجنبية عن العمل، ثم استأنفت عملياتها، ثم توقفت مرة أخرى مع تصاعد وانحسار وتيرة العمل العسكري. وتؤجل شركات الطيران عودتها لأسابيع أو أشهر، وفي بعض الحالات، إلى أجل غير مسمى.
أعاد ذلك حركة الطيران في إسرائيل إلى أوضاع ما قبل عشر سنوات من “إصلاح الأجواء المفتوحة” عام 2013 الذي جلب عشرات من شركات الطيران للعمل في إسرائيل مع تزايد ثراء البلاد وتطورها.
تزامن ذلك مع تحسن العلاقات الإقليمية لإسرائيل، بما في ذلك العلاقات الدبلوماسية مع عدة دول عربية. تغير ذلك الوضع في الأغلب إلى الناحية العكسية. فتركيا تقاطع إسرائيل الآن بعد أن كانت مركزاً من مراكز الرحلات الجوية إلى تل أبيب. ولم تعد هناك رحلات مباشرة إلى الأردن ومصر والمغرب والبحرين أو إلى عشرات المدن في اليونان وإيطاليا وأوروبا الشرقية.
المستفيد الأكبر هو “عال”، شركة الطيران الإسرائيلية، التي تضيف رحلات وتتجنب الإلغاءات. وضاعفت أفضل شركة طيران أداءً في العالم هذا العام حصتها في السوق إلى 46% في سبتمبر 2024 مقارنةً بالعام السابق وسجلت صافي ربح قدره 228 مليون دولار في النصف الأول من العام، بزيادة ثمانية أضعاف عن النصف الأول من عام 2023.
وفي النتائج المالية للربع الثالث التي نُشرت اليوم، قالت “عال” إنها حافظت على حصتها السوقية البالغة 86.4% في الرحلات العابرة للمحيط الأطلسي. وأعلنت الشركة عن تحقيق صافي ربح في الربع الثالث بقيمة 185.2 مليون دولار، ما يزيد ثلاثة أضعاف عن نفس الفترة من العام الماضي. لكن ما حققته الشركة على صعيد الموثوقية جاء بتكلفة باهظة على حساب المستهلكين.
اضطرت شركات الطيران التي تقوم برحلات بين أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا على اتخاذ مسارات أطول عبر المجال الجوي المصري والسعودي بسبب تصاعد الصراع بالشرق الأوسط
ارتفاع تكاليف السفر والشحن الجوي
تقول هاني سوبول، الرئيسة التنفيذية لمجموعة “ديزنهاوس غروب” (Diesenhaus Group) للسفر: “ارتفعت أسعار الرحلات بنسبة 50% إلى 200% وفي بعض الحالات 300% إلى 400%”، مضيفة أن المقاعد شحيحة.
تأثرت تكاليف الشحن أيضاً. ويقول أمير شاني، مالك شركة الشحن الجوي الإسرائيلية “عميت” (Amit) ورئيس جمعية وكلاء الشحن الجوي، إن هذا يرجع إلى زيادة الاعتماد على طائرات الركاب لنقل الشحنات. فقبل الحرب، كان أكثر من نصف البضائع في إسرائيل يُنقل على متن طائرات الركاب.
يقول شاني: “ارتفعت تكاليف الشحن الجوي بنحو 250%”. وهذا ما جعل مكافحة التضخم أكثر صعوبة.
يقول الرئيس التنفيذي لمصنع زراعة الأسنان في شمال إسرائيل، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لمناقشته مسائل تجارية، إن قيود العرض ضاعفت مدة التسليم ثلاث مرات. وأضاف أن ذلك أدى إلى انخفاض المبيعات وإلحاق الضرر بالتدفقات النقدية للشركة.
مخاوف قانونية
تقول شركات الطيران الدولية إن أحد الأسباب التي تجعلها تبتعد عن إسرائيل، خاصة أثناء الحرب، هو قانون يلزمها بتعويض الركاب وتقديم بدائل للرحلات التي تلغى أو تُؤجل.
ذكرت العديد من شركات الطيران التي تمثلها شركة المحاماة المحلية “إف بي سي أند كو” (FBC & Co) في ورقة تقدير موقف إن أسعار الرحلات البديلة ترتفع عندما تكون محدودة للغاية.
أبلغت المجموعة أعضاء في البرلمان أن “شركات الطيران الأجنبية تُجبر على التعامل مع عواقب اقتصادية محتملة كبيرة، وفي غياب تغيير واضح في التشريعات ذات الصلة، فإنها تفتقر إلى الحافز لاستئناف تشغيل رحلاتها في إسرائيل”.
هناك مخاوف من أن بعض شركات الطيران قد لا تعود. وذكرت المجموعة للبرلمان: “إذا لم يكن هناك تخطيط مسبق لموسم الصيف، سيتم تشغيل الطائرات على وجهات أخرى. لذلك، يجب اتخاذ إجراءات جريئة وسريعة لتجنب عام آخر على الأقل قبل انهيار صناعة الطيران الإسرائيلية”.