أخــبـــــارأخبار الخليج

هل ستعيد السعودية مجددا تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية ؟

وكالات – المواطن

بعد سنوات من تراجع ثم توقف الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية، وما مرت به من أزمة مالية متزايدة في ظل تدني مستوى الدعم الخارجي لموازنتها، يبدو أن ثمة باباً جديداً تفتحه الرياض مجدداً لإعادة الدعم لها.

وشهدت العلاقات السعودية الفلسطينية منذ أواخر 2017 توتراً بين الجانبين، لكن الزيارات الأخيرة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى المملكة، وما تبعه مؤخراً من إعلان الرياض تعيين سفير لها في فلسطين غير مقيم في القدس، تشير إلى أن “خطوات جديدة غير معلنة تمضي نحو تغيرات في العلاقات الثنائية”.

ومع حديثٍ عن تحركات أمريكية مكثفة لإدخال الرياض في عملية تطبيع مع “إسرائيل”، تشير آخر التقارير الإعلامية إلى أن ثمة شروطاً وضعتها السعودية على السلطة الفلسطينية لتقديم الدعم لها، مع تطمينات بشأن التمسك بالقضية الفلسطينية، بالتوازي مع إمكانية التطبيع مع “إسرائيل”.

دعم قادم
يبدو أن عرضاً سعودياً قدم لاستئناف تمويل السلطة الفلسطينية، حيث تنقل صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية (29 أغسطس 2023)، عن مسؤولين فلسطينيين وسعوديين قولهم، إن السعودية عرضت استئناف الدعم المالي للسلطة، في وقتٍ ترى الصحيفة أن ذلك “قد يكون إشارة إلى أن المملكة تبذل جهداً جدياً للتغلب على العقبات التي تحول دون إقامة علاقات مع إسرائيل”.

كما نقلت عن مسؤولين سعوديين قولهم: إن “العرض “يهدف إلى توجيه رسالة للفلسطينيين بأن التطبيع مع إسرائيل لن يأتي على حساب تطلعاتهم نحو دولة مستقلة”.

بحسب تقرير الصحيفة، طرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان فكرة تجديد المساعدات المالية لأول مرة في اجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في أبريل 2023، موضحة أنه “طمأن عباس إذا نجحت إجراءات السلطة الفلسطينية الأمنية في الضفة الغربية فإن السعودية لن تدخل في أي اتفاق تطبيع من شأنه أن يقوض الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة”.

وأضافت: “محمد بن سلمان أوضح أنه إذا تمكنت السلطة الفلسطينية من إثبات قدرتها على السيطرة على الأمور الأمنية في أراضيها، فإنها ستكون قادرة أيضاً على السيطرة على دولة مستقلة لا تشكل أي تهديد لإسرائيل، وبالمثل فإن السيطرة الفلسطينية الكاملة على المسائل الأمنية في الضفة الغربية من شأنها أن تسمح للجيش الإسرائيلي بتقليص عملياته هناك”.

خطوات سابقة
لعل هذه الخطوة قد استبقتها أخرى خلال الأسابيع الأخيرة، ففي 27 أغسطس بحث السفير السعودي غير المقيم لدى فلسطين نايف السديري، مع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، التعاون بين السعودية وفلسطين.

وذكر “الشيخ”، في تغريدة على حسابه في منصة “إكس”، أنه “جرى خلال اللقاء تأكيد عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية ودولة فلسطين، وبحث أوجه التعاون بين البلدين الشقيقين”.

وفي 12 أغسطس، عينت السعودية سفيرها لدى الأردن نايف السديري سفيراً فوق العادة مفوضاً وغير مقيم لدى فلسطين، وقنصلاً عاماً بمدينة القدس.

وبين الحين والآخر، تخرج تصريحات حول قرب تطبيع الرياض مع “إسرائيل”، لكن مواقف المسؤولين السعوديين تميزت بالتحفظ بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع “إسرائيل” حتى الآن، وأكدوا أن أي تقارب بين البلدين يجب أن يتبعه السماح بإقامة دولة فلسطينية.

وسبق أن نفت الرياض وجود أي مفاوضات سلام مع “إسرائيل”، حيث أكدت مراراً أن تطبيع العلاقات مع تل أبيب مرهون بتطبيق مبادرة السلام العربية، التي أطلقها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 2002.

وتنص مبادرة السلام العربية على إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، وانسحاب “إسرائيل” من هضبة الجولان السورية المحتلة.

تفسيرات مختلفة
يرى المحلل السياسي الفلسطيني مأمون أبو عامر، أن هذه خطوة تأتي ضمن عدة تفسيرات، الأول “أن السعودية تسعى إلى تعزيز مكانتها الإقليمية في إطار عدة ملفات”.

ويوضح أبو عامر: “الرياض تريد البروز بشكل أكبر وإعطاء نفسها الضوء والتأثير والحضور في الساحة الفلسطينية على أساس وجود توازنات في المنطقة الإقليمية بين الدور الإيراني والدور العربي، خصوصاً مع تراجع الدور العربي بشكل واضح مع ظهور حديث لإيران، وكذا في إطار دعم آخر لتعزيز مكانتها وقوتها”.

كما يعتقد أنه ربما يأتي في إطار اتفاق مع الإدارة الأمريكية “بسبب الإشكاليات داخل الحكومة الإسرائيلية خصوصاً الجهات الأمنية، التي تمنع تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية والحد من قدرة السلطة وتمكينها”.

وتابع: “ربما كان الأمر مرتبطاً أيضاً بمحاولة تطبيع العلاقة بين “إسرائيل” والسعودية، حيث تمضي الأخيرة بخطوات متوازية بين فلسطين و”إسرائيل”، مع حديث ونقاش مع الجانب الأمريكي من أجل صفقة شاملة مع واشنطن لتعزيز وجود قوة السعودية وحضورها في المنطقة والتحالف الاستراتيجي”.

ويؤكد أن السعودية تجد “صعوبات في هذا الأمر، فقد يكون في سياق إثباتها العكس بوقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني وأنها لا تريد التطبيع، وقد يكون أنها تسير في تهيئة الأجواء وإرضاء الجانب الفلسطيني بتلبية حاجياته وبتقديم مساعدات قوية حتى لا تعترض السلطة على أي تقدم سعودي بشأن التطبيع مع إسرائيل، والحد من الاعتراضات في الساحة الفلسطينية، وفرض أجندة سعودية على السلطة الفلسطينية”.

وتابع: “الأمور غير واضحة خصوصاً بشأن التطبيع مع “إسرائيل” في ظل النهج السعودي الذي يعطي إشارات متعاكسة وباتجاهات مختلفة، حيث إن الدخول في بريكس، وتطبيع العلاقات مع إيران عبر الصين أيضاً، ضد ما تريده واشنطن”.

ويلفت إلى أن السلطة الفلسطينية “تعاني من مشكلة مالية كبيرة، وهي بحاجة ماسة للدعم خصوصاً مع قطع جزء من الضرائب الفلسطينية من قبل “إسرائيل” وفي ظل الأزمات الاقتصادية الدولية وقطع الدعم الدولي عنها”.

أما المحلل السياسي وسيم عفيفة، فيرى من جهته أن الحديث عن إعادة دعم السعودية للسلطة “أمر مهم، مع ضرورة الإشارة إلى أن الدعم السعودي كان سابقاً يعد أكبر دعم للسلطة الفلسطينية”.

لكن التوقيت حالياً، وفقاً لعفيفة، “يحتاج بعض المتابعة باعتبار أن هذا القرار جاء بعد تعيين السعودية أيضاً سفيراً لها غير مقيم للسلطة الفلسطينية واعتماد مقره في الأردن”.

وإلى جانب ذلك يرى، أنه يأتي “في ظل أحاديث كثيرة عن محاولات الولايات المتحدة الخروج بإبرام صفقة كبيرة مع السعودية، عنوانها الأساسي التطبيع مع الكيان الصهيوني”.

ويضيف: “أمام هذه الصفقة هناك اشتراطات من السعودية لها علاقة بجوانب عديدة مرتبطة بتفعيل دور السعودية في المنطقة”، مكملاً بقوله: “لهذا إذا تم النظر لقرار التمويل بمعزل عن المشاريع الأمريكية في المنطقة، يبقى في إطار الدور التقليدي التي تلعبه السعودية كما كان سابقاً”.

الدعم السعودي
منذ عام 2017، واجهت السلطة الفلسطينية أزمة مع توقف متفاوت بين حين وآخر للمساعدات السعودية وتقليصها، وصولاً إلى العام 2020 حين تحدثت أنباء عن انقطاعها كلياً.

وتقول وسائل إعلام فلسطينية إن العلاقات السعودية الفلسطينية شهدت منذ 2017 توتراً واضحاً عقب طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعم الرؤية الأمريكية للسلام مع “إسرائيل”، قبل أن تتوقف المساعدات.

ومنتصف عام 2018، كشف سفير السعودية في مصر أن الصندوق السعودي للتنمية حول 80 مليون دولار أمريكي إلى حساب وزارة المالية الفلسطينية، لدعم موازناتها كدعم لأشهر (أبريل ومايو ويونيو ويوليو 2018)، بواقع 20 مليون دولار شهرياً.

وفي فبراير 2019، أعلن السعوديون أنهم سيستأنفون دعمهم، وأنهم سيحولون 60 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، وهو مبلغ الدعم لمدة ثلاثة أشهر، بعد تأخرهم أشهراً في إرسال أموال المساعدات السابقة.

ولكن من حينها توانى السعوديون مجدداً في التزاماتهم السابقة تجاه الفلسطينيين، وفق وسائل إعلام فلسطينية، باستثناء بعض مساعدات معلنة بين حين وآخر وبشكل محدود.

زر الذهاب إلى الأعلى