هل تدفع الشركات الأجنبية ثمن الضربة “الإسرائيلية” الموجعة لحزب الله؟
غزة – المواطن
لا يختلف اثنان على أن الضربة التي تلقاها حزب الله في اليومين الماضيين، اكثر من موجعة، وتكاد تكون من حيث اهميتها بمثابة الضربة التي تلقتها اسرائيل في 7 أكتوبر.
يعلم الجميع مدى حرص الحزب على “عالم الاتّصالات” الذي يعنى به بشكل كبير، والذي من اجله استعمل السلاح للدفاع عنه في الداخل عام 2008 في احداث 7 ايار الشهيرة، فاستهدافه اليوم في عالم اتصالاته، هو خرق كبير وكبير جداً لا يمكن الاستهانة به.
استغرب كثيرون كيفية حصول هذا الامر، خصوصاً وان الحزب معروف بدقته وتتبعه للامور الاستخباراتية، وهو استطاع ان “يحرج اسرائيل بما قامت به طائرة “الهدهد” من تصوير لمناطق ومراكز عسكرية وامنية.
فكيف وقع بهذا الخطأ الفادح؟ لا يمكن اعطاء جواب على هذا السؤال، انما من خلال ما يتم تداوله في الصالونات السياسية الضيقة ومن قبل اشخاص على قدر من الموضوعية.
فإن الحزب وايران كانا يخططان للقيام بعملية اغتيال مهمة في الداخل الاسرائيلي وكشف النقاب اخيراً من قبل الاسرائيليين عن مخطط لاغتيال وزير الدفاع السابق موشيه يعلون.
وآخر يمهد لاغتيال مسؤولين في الصف الاول وفي مقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
بغض النظر عن صحة هذه المعلومات والاشخاص المستهدفين، فإن الحديث تمحور على ان اسرائيل لم تتمكن فقط من احباط اي محاولة اغيتال.
بل ردت بطريقة استخباراتية معقدة لم يعهدها العالم من قبل، ولكن ثمنها غال جداً، ليس فقط على حزب الله، بل على شركات اجنبية وعالمية، ومن المؤكد ان هذه العملية المؤكّدة لم تكن لتتم من دون دعم استخباراتي اميركي واوروبي.
ووفق الافكار التي يتمّ طرحها في الصالونات، فإنّ الايرانيين ايضاً وقعوا في الفخ، وهم المعروفون بقدراتهم السيبرانيّة (اتهمتهم الولايات المتحدة انهم حاولوا ويحاولون مع روسيا التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية).
ولكن رهانهم على انه لا يمكن لاسرائيل ان تورّط شركات وحلفاء لها في مثل هذا المخطط، كان في غير محله.
اثبت المسؤولون الاسرائيليون انهم لن يتورّعوا عن القيام بمجازر عبر وسائل الكترونية، بعد ان غضّ العالم اجمع نظره عن الجرائم العسكريّة التي يقومون بها.
وما همهم اذا تورطت دور وشركات اميركية واوروبية في معمعة استخباراتية تلقي بظلالها على العالم اجمع وليس فقط على لبنان وحزب الله.
فأجهزة “البيجر” من طراز معروف جداًً ولو انها من صنع تايواني (اتّهمت تايوان شركة مجريّة بتصنيعها فيما نفت الحكومة المجريّة هذا الامر)،.
اما اجهزة الاتصال اللاسلكي فهي يابانيّة (وقيل ان الشركة اليابانية اوقفت انتاجها منذ سنوات)، وعلى الرغم من ذلك لم يصدر عن الاميركيين ايّ مؤشر على اعتبار الامر بمثابة امر خطير يستوجب فرض عقوبات واجراء تحقيق دولي.
لما فيه من خرق للقوانين الدوليّة وقوانين الاتصالات، فهل ما قامت به اسرائيل اقل مما تم اتهام شركة “هواوي” بالقيام به من قبل الرئيس الاميركي في حينه دونالد ترامب وادى الى تراجع نفوذها العالمي في قطاع الاتصالات؟ أليس في الامر خطر على “حماية المعلومات وتقنية الاتصالات وسلاسل تزويد الخدمات”؟.
اضافة الى ذلك، هناك تداعيات اقتصادية ومالية على هذه الشركات، فالناس في مختلف انحاء العالم باتوا يتردّدون في شراء الاجهزة المرتبطة بهذه الشركات.
بالاضافة إلى ذلك باتوا يفضلون التوجّه نحو شركات اخرى قد تكون من الناحية الجغرافية الاخرى للعالم.
لانّه بين خطر تهديد الخصوصيّة وبين الحصول على تكنولوجيا اقل جودة نسبياً، فإنّ الخيار سيقع حتماً على الشق الثاني.
سيناريوهات كثيرة تم وضعها على طاولة التحليل بعد الضربة الاسرائيليّة، ومنها انّ العملية تمت بعد تشكيك الحزب بهذه الاجهزة وكان لا بد بالتالي من تقديم موعد تفجيرها.
وان العملية هي توطئة لعملية عسكرية اسرائيلية كبيرة في الجنوب من خلال قطع التواصل بين افراد الحزب.
وان ما حصل هو استعاضة عن الحرب البريّة بحرب الكترونيّة استخباراتيّة اكثر فتكاً واقلّ تكلفة بالنسبة الى الاسرائيليين من ناحية الخسائر.
بغض النظر عن كل هذه السيناريوهات، يبقى الواقع ان ما حصل خطير جداً ويشكّل سابقة لا يمكن الاستهانة بها في عالم الاستخبارات الالكتروني
كما أن انعكاسها هو على مستوى العالم اجمع، ويجب بالتالي التفكير جدياً في تداعياتها ان من قبل الاوروبيين او من قبل الاميركيين.