هل تجر الاغتيالات الإسرائيلية لبنان لحرب موسعة؟ خبيران يجيبان
خاص المواطن – نور الحلو
منذ بداية الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، والتصعيد على جبهة لبنان في الثامن من شهر اكتوبر الماضي، عمدت إسرائيل إلى انتهاج سياسة الاغتيالات كوسيلة لردع حزب الله ومنع التصعيد على الجبهة اللبنانية.
فكانت اولى تلك العمليات اغتيال القيادي في حركة صالح العاروري بالضاحية الجنوبية ببيروت وذلك عند الساعة السادسة مساء يوم ديسمبر الماضي.
تلاها اغتيال القائد الميداني المنتمي لكتائب القسام سامر محمود الحاج أثناء وجوده قرب مدخل مخيم عين الحلوة الغربي في مدينة صيدا جنوب لبنان، فضلا عن استهداف شقة سكنية يتواجد بها القيادي العسكري الثاني في حزب الله فؤاد شكر.
كان آخر عمليات الاغتيال تلك، اغتيال القيادي بحركة فتح خليل المقدح باستهداف سيارة كان يستقلها بصيدا أمس الأربعاء.
ووصل عدد الذين اغتالتهم إسرائيل داخل الحدود اللبنانية منذ بدء “طوفان الأقصى” إلى 19 شخصية تتبع لحركة حماس، إضافة إلى 8 من حركة الجهاد الإسلامي وأكثر من 400 من حزب الله، إلى جانب المدنيين والصحفيين والمسعفين، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالقرى والبلدات الحدودية.
ويرى خبراء بالشأنين اللبناني والاسرائيلي أن إسرائيل تنتهج سياسة الاغتيال، لارباك المشهد اللبناني الفلسطيني، واعاقت جهود التوصل لتهدئة في المنطقة.
سياسة الاغتيالات: استراتيجية قديمة أم نهج جديد
يرى الأستاذ قاسم حدرج أن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية تمثل جزءاً من استراتيجية أوسع تهدف إلى إرباك المشهد اللبناني والفلسطيني. “سياسة الاغتيالات، كما يتضح، تهدف إلى إضعاف الموقف الفلسطيني واللبناني وتعقيد جهود التهدئة. هذه السياسة ليست جديدة، بل هي جزء من استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد. إسرائيل تحاول أن تكون أكثر إرباكاً للفصائل من خلال استهداف الشخصيات القيادية، وهي بذلك تؤدي إلى تعقيد الردود وتطيل أمد الصراع.”
من جهة أخرى، يضيف إيهاب جبارين أن “جزئية الذهاب إلى سياسة الاغتيالات هي ليست بالامر الجديد. إسرائيل بدأت في اعتماد هذه السياسة قبل السابع من أكتوبر، وهي الآن تطبقها بشكل مركز داخل الجبهة اللبنانية. الهدف هو محاولة إرباك المشهد، لأن إسرائيل تعلم أن الفصيل أضعف من الدولة في مواجهة هذه السياسات.”
رد حزب الله والتوازن في الردود
بخصوص رد حزب الله على سياسة الاغتيالات، قال قاسم حدرج: “حزب الله لم يرد على الاغتيالات بشكل كبير حتى الآن، وهذا ربما يعود إلى رغبة في الحفاظ على استقرار الجبهة وعدم تصعيد الوضع بشكل أكبر. الرد المنسق والمباشر على هذه العمليات قد يكون له تداعيات كبيرة، ويؤدي إلى تصعيد لا ترغب فيه الأطراف المتورطة.”
إيهاب جبارين يضيف إلى هذا التحليل: “الردود على الاغتيالات لم تكن جذرية حتى الآن، وهذا قد يكون نتيجة لرغبة حزب الله في تجنب تصعيد الوضع بشكل كامل. سياسة الاغتيالات الإسرائيلية ربما تكون محاولة لتقليل التكاليف المحتملة لحرب شاملة.”
ردود الفعل الإسرائيلية والمستوى السياسي
عند الحديث عن ردود الفعل داخل إسرائيل، يشير جبارين إلى أن هناك تبايناً في المواقف: “الشارع الإسرائيلي يمكن أن يتفهم سياسة الاغتيالات إلى حد ما، خاصة إذا كانت هناك تهديدات مباشرة. لكن هناك أصوات معارضة تشعر أن هذه السياسة قد تؤدي إلى تصعيد غير مرغوب فيه. وزير الدفاع غالانت، رغم محاولاته دفع الأمور نحو التصعيد، أكد أنه لا توجد نية حالياً لحرب موسعة.”
من جانب آخر، يرى قاسم حدرج أن “الوساطات الدولية التي تسعى لتهدئة الأوضاع غالباً ما تكون منحازة وغير فعالة. الرد الإسرائيلي على الاغتيالات كان قاسياً وأدى إلى استهداف مناطق مدنية في لبنان، مما يكشف عن عدم مصداقية تلك الوساطات. حزب الله يرى أن الضغط يجب أن يكون على تل أبيب لإيقاف عدوانها، وليس على جبهته.”
احتمالات التصعيد ومستقبل الصراع
توقع جبارين أن “الوضع في لبنان قد يتطور إلى تصعيد كبير، ولكن إسرائيل تحاول تجنب ذلك حالياً. سياسة الاغتيالات قد تكون محاولة لتقليل التكاليف والتأثيرات المحتملة لحرب شاملة. إذا حدثت حرب موسعة، من المحتمل أن تتبع إسرائيل نهجاً مماثلاً لما استخدمته في غزة، ولكن الوضع في لبنان قد يكون أكثر تعقيداً بسبب تداخل المصالح واللاعبين الإقليميين.”
وفي نفس السياق، أضاف حدرج: “في حال حدوث تصعيد إقليمي، قد يتدخل الإيرانيون إذا استمر الهجوم الإسرائيلي. إيران قد تتخذ خطوات حاسمة إذا تعرضت مصالحها بشكل مباشر، بينما يتابع حزب الله تصعيده من أجل دعم غزة وعدم التخلي عن دوره كمساند.”