أقلام

نهاية إسرائيل.. فليعود الصهاينة إلى “جيتوات أوروبا”

كتب .. أحمد جمعة

تطورات عسكرية وسياسية متسارعة تشهدها منطقة الشرق الأوسط بعد إطلاق حركة حماس لعملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي، وذلك ردا على الجرائم والاستفزازات الإسرائيلية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ولا سيما القدس الشرقية التي تتواصل فيها عمليات اقتحام المسجد الأقصى من المستوطنين المتطرفين وعدد من الوزراء الإسرائيليين في حكومة اليمين المتطرف.

التصعيد العسكري الذي يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي سواء في سوريا ولبنان خلال السنوات الماضية بذريعة استهداف أهداف تهدد أمن “إسرائيل” هي الذريعة التي أدت غضب من الجانبين السوري واللبناني، بالإضافة للتصعيد المستمرة والاغتيالات ضد عدد من القيادات الفلسطينية سواء داخل الأراضي المحتلة أو خارجها دفع هذه الفصائل للرد على الاجرام الإسرائيلي.

جزء كبير من المجتمع الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتجاهلون عمدا أن أحداث 7 أكتوبر كانت ردة فعل على جرائم ترتكب بحق الفلسطينيين منذ عقود، وتجاهل للقرارات الأممية الصادرة عن احتلال إسرائيل لأرض فلسطين والاعتراف الأممي بضرورة إقامة دولة فلسطينية على حدود 4 يونيو عام 1967 وفق القرار 242 وهو قرار من عدة قرارات أممية تتجاهل إسرائيل تنفيذها بدعم أمريكي.

ردة الفعل الفلسطينية أو اللبنانية على التصعيد الإسرائيلي والتجاوزات المستمرة هي ردة فعل طبيعة على تجاهل إسرائيل للحل السلمي، وتأكيد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو على رفضه حل الدولتين أو الأزمة سياسيا باللجوء إلى المفاوضات تسبب في حالة إحباط شديدة بين شعوب المنطقة وتصاعد الغضب العربي مع استمرار التجاهل الإسرائيلي لحقوق الفلسطينيين.

المؤكد أننا أمام مشهد عبثي لا تحترم إسرائيل فيه مقررات الشرعية الدولية وتتحدي الجميع بمواصلة عدوانها على غزة، وسط صمت وخزي من الدول الداعمة لإسرائيل والتي لم تجرؤ حتى اللحظة على وقف الدعم العسكري لإسرائيل كأداة من أدوات الضغط لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة.

إسرائيل هي سرطان ينهش في المنطقة وسيؤدي لاشتعال الإقليم واتساع رقعة المواجهات العسكرية خلال الفترة المقبلة، وعلى الرغم من محاولات إسرائيل تفعيل سياسة “الردع” للدول المجاورة لها إلا أنها فشلت حتى اللحظة في القيام بذلك مع تمسك شعوب الدول التي تحتل إسرائيل أراضيها على المقاومة وانتزاع حقها بالقوة مثلما فعلت العصابات الصهيونية في نكبة 1948.

تتحمل الولايات المتحدة وبريطانيا أيضا المسؤولية الكاملة على ما يحدث في الإقليم بذرعهما للكيان الصهيوني في منطقتنا بذريعة إقامة وطن قومي لليهود، ودعم العصابات الصهيونية والوكالات التابعة لها ماليا وسياسيا لتسهيل جريمة نقل مئات آلاف اليهود المنتشرين في أوروبا وروسيا وبولندا إلى الأراضي الفلسطينية، وكانت بريطانيا واحدة من أكثر الدول تشددا في دعم هذا التوجه وارتكبت مجازر جماعية بمشاركتها في العمليات الاجرامية التي نفذتها العصابات الصهيونية لاحتلال أراضي الفلسطينيين، ومن واجب بريطاني والولايات المتحدة الاعتراف بالحقوق الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة على حدود 4 يونيو 1967.

هناك حل آخر يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك بريطانيا بإعادة الصهاينة المحتلين للأرض الفلسطينيين إلى القارة الأوروبية للعيش في “الجيتوات” كما كان ذلك في القرن العشرين، وأن تتولى أوروبا بدعم أمريكي مهمة البحث عن وطن للصهيونية الدينية الإسرائيلي وإيجاد الذرائع لذلك خلال الفترة المقبلة، وأن تبقى الطائفة اليهودية كما هي داخل فلسطين طالما تعترف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.

والجيتو أو حارات اليهود هي أحياء كانت مخصصة لليهود للعيش فيها سواء في أوروبا أو الدول العربية، وتركز الملايين من اليهود في “الجيتوات” التي ظهرت لأول مرة في إيطاليا وشرق أوروبا، وولدت في هذه “الجيتوات” الفكرة الصهيونية التي تبناه تيودور هيرتزل وعمل على ترويجها في كافة دول العالم بإقامة وطن قومي لليهود بدعم غربي.

إسرائيل أكثر كيان هش في هذه المنطقة حيث يجمع أكثر من 90 طائفة دينية تتعارض وتتصارع داخل هذا الكيان المحتل، فضلا عن التيارات السياسية والحزبية المتطرفة التي ترفع شعار “قتل أطفال العرب” لتحقيق أجندتها ومصالحها، مع وجود صراع خفي بين اليهود الشرقيين “سفارديم” واليهود الغربيين “الإشكناز”، هذا مع تصاعد الهجرات اليهودية العكسية من تل أبيب إلى الدول الغربية لعدم انتماء هؤلاء لهذه الأرض الفلسطينية وإدراكهم بأن ما تقوم به إسرائيل هو احتلال وتنكيل بالفلسطينيين مع عجز أمني وعسكري واستخباراتي إسرائيلي عن تأمين أيا من اليهود الوافدين إلى الكيان المحتل.

الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف بإسرائيل مع شل حركة التجارة والسياحة وخسارة مليارات الدولارات مع استمرار عدوانها على غزة والتصعيد العسكري في شمال فلسطين ينذر بانهيار وشيك لإسرائيل “البنت الصغرى” لأمريكا في هذا الإقليم، مع تصاعد الغضب العربي بضرورة تحرير الأرض العربية المحتلة وطرد الصهاينة وإعادتهم إلى “الجيتو” في أوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى