فرنسا: طالبو اللجوء القادمون من غزة والمسجلون في الأونروا “سيحصلون على اللجوء تلقائياً”
باريس – المواطن
“وكالة الأونروا لم تعد قادرة على تقديم المساعدة والحماية بشكل فعال لأي فلسطيني يقيم في غزة”، وبالتالي يجب على سلطات اللجوء الفرنسية منح صفة اللاجئ لطالبي اللجوء القادمين من غزة والمسجلين لدى “الأونروا”، هذا ما خلصت له المحكمة الوطنية الفرنسية للحق في اللجوء (CNDA) الأسبوع الماضي. فريق مهاجرنيوز يقف على تبعات هذا القرار.
في قرار أصدرته المحكمة الوطنية الفرنسية للحق في اللجوء “CNDA”، في 13 أيلول/سبتمبر وتم نشره الثلاثاء 17 أيلول/سبتمبر، أوضحت المحكمة أنه “مع الأخذ في الاعتبار الوضع الأمني والإنساني الحالي”، يمكن للفلسطينيين القادمين من قطاع غزة المحميين من قبل الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على وضع اللاجئ في فرنسا.
وجاء في القرار “لم يعد من الممكن ضمان الحماية التي من المفترض أن يستفيدوا منها من الأمم المتحدة”، في ظل تدهور الوضع الأمني والإنساني في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
“حماية الأونروا لم تعد مضمونة في غزة”
وكان قد لجأ زوجان فلسطينيان إلى المحكمة إثر رفض طلبهما الأول للجوء في تموز/يوليو 2023. وكان هذان الفلسطينيان قد غادرا قطاع غزة في آذار/مارس 2023 ووصلا إلى غويانا الفرنسية.
ووضح بيان المحكمة “كان هذان الزوجان قد طلبا الحماية من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، ولكن لأنهما يستفيدان من هذه الحماية، لم يعد بإمكانهما المطالبة بوضع اللاجئ بموجب اتفاقية جنيف المؤرخة 28 تموز/يوليو 1951”.
“ومع ذلك، لاحظت المحكمة أن هذه الحماية لم تعد مضمونة في الممارسة العملية” وأن الأونروا “لم تعد قادرة على تقديم المساعدة والحماية بشكل فعال لأي فلسطيني يقيم في هذه المنطقة”. السبب الذي من أجله تم منحه هذين الزوجين وضع اللاجئ في فرنسا.
وتقدم الأونروا (وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى) “المساعدة والحماية وكسب التأييد للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم”. وتم إنشاؤها في أعقاب حرب 1948 لتقديم خدمات تشمل التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات، والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح.
وشددت المحكمة الفرنسية على أن هذين الزوجين سيستفيدان من وضع اللاجئ في فرنسا لأن ملفاتهم لا تتضمن عناصر توحي بأنهم ارتكبوا جريمة ضد السلام أو جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، وهي جرائم خطيرة بموجب القانون، موضحة أنها لم تقرر منحهم وضع اللاجئ إلا بعد التأكد من خلو ملفاتهم من أي شبهات من هذا النوع.
وعلى الرغم من قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، والتي خلفت أكثر من 40 ألف قتيل معظمهم من النساء والأطفال، بحسب السلطات المحلية. وذلك في أعقاب الهجمات التي قامت بها جماعات مسلحة فلسطينية على رأسها حركة حماس، على بلدات إسرائيلية بالقرب من غزة، ما خلف أكثر من 1200 قتيل إسرائيلي.
وقد أدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى نزوح الغالبية العظمى من سكان القطاع القابع تحت حصار منذ 2006، والذي تسبب في نقص حاد في الغذاء ومياه الشرب والأدوية.
تواصل فريق موقع مهاجرنيوز مع المحامية المختصة في قضايا اللجوء، مايا لينو، للاستفسار عن تبعات هذا القرار والخطوات القادمة بخصوص طالبي اللجوء القادمين من غزة.
مهاجرنيوز: هل هذا القرار يلزم المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين والأشخاص “بلا وطن” (OFPRA) بقبول طلبات لجوء أي فلسطيني خرج من غزة بعد اندلاع الحرب الجارية ومسجل لدى وكالة “الأونروا”؟
مايا لينو: نعم، هذا القرار يجعل حصول الفلسطينيين القادمين من غزة والمسجلين في الأونروا، على اللجوء إلزامياً وتلقائياً في فرنسا، لأنه يستند على حقيقة أن الأونروا لم تعد قادرة على تنفيذ مهامها في ظل الأوضاع الجارية في غزة، وبناء على ذلك، فمن واجب أي دولة موقعة على ميثاق جنيف، أن تضمن وصولهم إلى حقوقهم وكرامتهم الإنسانية كلاجئين معترف بهم مسبقاً، لأن صفة اللجوء لا يمكن حذفها أو إزالتها عنهم.
الاختلاف الذي حدث بين تعامل المحكمة مع هذه القضايا وتعاملها مع طلبات اللجوء السابقة الخاصة بالفلسطينيين، أنه في الماضي كان يطلب من طالب اللجوء الفلسطيني المسجل في الأونروا، أن يثبت أنه مسجل في الأونروا وأنه اضطر لأسباب قهرية مغادرة المنطقة التي تنفذ فيها الوكالة حمايتها. لكن وبناء على هذا القرار، يكفي أن يثبت طالب اللجوء أنه مسجل في الأونروا وأنه قادم من غزة، ليحصل على اللجوء.
بناء على الشهادات التي جمعها فريق مهاجرنيوز خلال السنوات الماضية، والتي أكدها محامون عملوا على طلبات لجوء تخص فلسطينيين، كان يضطر هؤلاء لبناء قصص لجوئهم على تعرضهم لانتهاكات من قبل السلطات المحلية (حكومة حماس في غزة أو السلطة الفلسطينية في الضفة)، أو انتهاكات من قبل المجتمع، دون ذكر أي انتهاكات أو تهديدات متعلقة بالوضع الفلسطيني الإسرائيلي.
مهاجرنيوز: هل يمكن للفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا الذين خرجوا من غزة خلال الأشهر الأخيرة، الاستفادة من هذا القرار عند طلب اللجوء في سفارات فرنسا؟
مايا لينو: ما يحدث في السفارات ليس طلباً للجوء، بل طلباً لتصريح سفر خاص باللجوء (visa au titre de l’asile)، وعلى عكس طلب اللجوء في مكتب “أوفبرا”، فعند رفض طلب تصريح السفر هذا في السفارة، عملية الاستئناف تحدث في المحكمة الإدراية، وليس في المحكمة الوطنية للحق في اللجوء (التي أصدرت القرار المذكور). نظرياً، قرار محكمة “CNDA” يجب أن يعتبر مرجعاً للجهات الإداية والقضائية الأخرى، لكن لا يمكنني تأكيد أن الأمر سيكون تلقائياً، وسيحتاج سوابق قانونية حتى يصبح سارياً على تصاريح سفر اللجوء.
مهاجرنيوز: ما هي الخطوة القادمة التي ستتخذونها إزاء ملفات طالبي اللجوء الفلسطينيين القادمين من غزة؟
مايا لينو: خطوتنا التالية تخص طالبي اللجوء الفلسطينيين القادمين من غزة، لكن غير المسجلين لدى الأونروا. بالنسبة لهؤلاء، تمنحهم سلطات اللجوء الفرنسية الحماية الفرعية بسبب الحرب الدائرة في غزة. نحن خائفون أنه وبنهاية هذه الحرب، سيتم دفع هؤلاء الأشخاص للعودة إلى بلدهم.
نحن نرى أن تبعات ما يحدث في غزة وإمكانية الحياة فيها، غير مرتبطة بنهاية الحرب ووقف إطلاق النار. وبالتالي، سنقوم باستئناف قرارات الحماية المؤقتة، وطلب منح هؤلاء الأشخاص صفة اللاجئ، لأن ما يحدث هو حرب سياسية وتطهير عرقي، وليس صراعا مؤقتا. وهذه ليست سابقة قانونية، السودانيون الذين قدموا من دارفور أثناء الصراع في السودان، حصلوا على صفة اللاجئ (وليس حماية فرعية) لأنهم يتحدرون من منطقة تشهد تطهيراً عرقياً، وليس صراعاً مؤقتاً.