عدّاد الضحايا مستمر في الارتفاع.. و”إسرائيل” متورّطه
الكاتب: د.جيهان اسماعيل
رغم محاولات التهويد والأسرلة والتغريب، نجح الشعب الفلسطيني في الداخل في اراض 1948 في الحفاظ على هويته الوطنية،الا ان هذا الشعب يتعرض اليوم لحملة جريمة منظمة تقودها عصابات مسلحة دون رادع او محاسب و تتجدّد مخاوفه في كل يوم اكتر فاكثر بسب تزايد الجريمه ،دون أن تتمكن الأوساط الفلسطينية المعنيّة من معالجة هذه القضية الخطيرة، والتي يعتقد أن لإسرائيل دوراً مركزياً في ترسيخها وتوسيعها لأسباب سياسية وأمنية. و تشير أصابع الاتهام بشكل مباشر الى ان مؤسسات الاحتلال تعمل على تذكية هذه الجرائم وتدعمها .
جرائم القتل في المجتمع الفلسطيني “حالة ليست طبيعية، وإنما حالة زرعها الاحتلال داخل هذا المجتمع”بهدف تدمير النسيج الاجتماعي لدى المجتمع الفلسطيني وحرف بوصلته عن القضايا الوطنية الكبرى ومنها القدس وازاله الاحتلال وعروبة الاقصى.
الجريمة المنظّمة في المجتمع الفلسطيني هي نتاج لسياسة تُجمع عليها الاحزاب الصهيونية المتنافسة على تشكيل الحكومة في “إسرائيل”، مُظهره الفائدة التي تجنيها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من تفشّي الجريمة في المجتمع الفلسطيني، معتبرةً عالم الإجرام بيئةً خصبةً لتجنيد العملاء وجمع المعلومات الاستخبارية.وتبيّن أن جنود الجيش يبيعون فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 بنادق ، مسدّسات ،قنابل يدوية ،عبوات ناسفة ،قنابل صوتية وأسلحة أخرى .
ومن بين اسباب الجريمه في الداخل الفلسطيني : العامل الثقافي- هو الارث التاريخي اوالبيئة الثقافية والأفكار “المعاصرة” التي يتبناها الشباب الفلسطينيّ التائه بين التمسك بالموروث والمعتقدات الدينية الرافضة للعنف، وبين الانجراف خلف تجلّيات التقدم العلمي والتكنولوجي
غير المقيّد ووسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة به . ومن اهم الاسباب للجرائم في الداخل الفلسطيني هو الإقرار بأن الحلول الجذرية لقضية الجريمة المنظّمة في الأراضي الفلسطينيه في الداخل ١٩٤٨ لا يمكن أن تنجح بصورة كاملة في ظل استمرار الاحتلال، في مختلف أشكاله وتداعياته، واحتدام الصراع في المنطقة.
ومما لا شك فيه انه لمؤسسات الاحتلال دورا مهما في حالات الإحباط التي تسود في أوساط الفلسطينيين في المجتمع العربي في الداخل المحتل، وهم يرون أبناءهم يقتلون بدم بارد، فمعدلات الجريمة باتت تتقاسم المدن والأحياء والحارات، وتتحكم في مفاصل حياة الفلسطينين ومصائرهم، أمام صمت مطبق من الاحتلال والاهداف باتت معروفة،منها وقوف الاجهزه الأمنية الإسرائيلية وراء هذه العصابات مدججة بمئات الاف من قطع السلاح وخاصه جهاز شرطة الاحتلال الذي يتواطأ في دعم المنظمات الإجرامية، ويتجاهل العنف إلى حد كبير .
يُجمع المراقبون على أن الاحتلال الإسرائيلي هو المستفيد الأول من جرائم القتل المنتشرة في المجتمع الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948، والتي تصاعدت وتيرتها عقب “هبة الكرامة” منتصف ٢٠٢١.التي زادت في العام ٢٠٢٣ فمجزره الامس في قريه ابو سنان والتي راح ضحيتها ٤ ومن بين الضحايا غازي صعب، المرشح لانتخابات الرئاسة المحلية في أبو سنان. والذي كان قد كتب قبل شهر قد نشر منشورا ندد فيه باستفحال جرائم القتل في المجتمع العربي، وطالب بوقفها، قبل أن يصبح أحد ضحاياها. وتأتي هذه المجزرة بعد يوم من مقتل المدير العام لبلدية الطيرة عبد الرحمن قاشوع بجريمة إطلاق نار في المدينة.
وتظهر أرقام في العام 2023 بأن عدد القتلى وصل لغايه اليوم الى 156قتيلا فلسطينيا داخل الخط الأخضر قتلوا جرّاء تفشي الجريمة والعنف.
ومن اهم اسباب القتل والجريمه : السياسات الحكوميّة إلاسرائيلية التي تقصي الشبّان الفلسطينيين من الحيز العام، بعدم التحاقهم بالعمل أو الدراسة، مما يعمّق الشعور لديهم بخيبة الأمل في عام 2020، وصلت نسبة الشبّان العرب الذين لا يعملون أو يدرسون، 47 في المئة، ممن تتراوح أعمارهم بين 20 -24 عامًا. وبيّن بحث أجراه مركز “أبحاث الكنيست” أن ثُلث المدانين أمام القضاء الإسرائيلي في مخالفات جنائية بهذه الأعمار هم بلا إطار توظيفي أو تربوي، والحديث هُنا عن ضعفي عدد اليهود ممن هم في نفس الفئة العمرية. وفيما يتعلق بالتشغيل فإن الكثير من الشركات تفضّل الشبان اليهود في استمارات التوظيف التي تحوي خانة تفيد بأدائهم الخدمة العسكرية، ولكون الشبان العرب لا يؤدون “الخدمة العسكرية الإلزامية” فإن الشركات تستبعدهم تلقائيًا.
أن العنف الموجود بين فلسطينيي الداخل متنوع؛ ويشمل النزاعات العائلية ونسبتها ضئيلة جدًا، وكذلك جرائم القتل المنظمة وهي الأكثر انتشارًا وتقف وراءها منظمات إجرامية تحركها مخابرات الاحتلال واستهدافها المباشر للشخصيات المؤثره.
أذرع الاحتلال السياسية والأمنية والقضائية تظهر نفسها أنها عاجزة عن كشف رموز الجريمة وحل الإشكاليات القائمة لكنها في حقيقة الأمر تغطي عليهم وتساعد المجرمين على الإفلات من العقوبه والمحاكمة.
الملاحظه الجدير ذكرها هنا بأن:توجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمنح جهاز الأمن العام “الشاباك” صلاحيات لـ “مكافحة العنف والجريمة” في بلدات فلسطينيي 48 اثار ردود فعل منددة في الداخل الفلسطيني كون هذا الجهاز يستبيح دماء الفلسطينيين بوسائل مختلف ومنها الجريمة المنظمة.
ويأتي تخويل “الشاباك” صلاحيات لـ “مكافحة الجريمة” بمجتمع فلسطينيي الداخل، وسط تقاعس شرطة الاحتلال في الحد من فوضى السلاح وغياب الرادع لاستعماله من قبل عصابات الجريمة المنظمة التي تنشط ببلدات فلسطينيي الداخل، مع اتساع ظاهرة السوق السوداء والإتاوة.الفعاليات الفلسطينية بالداخل تشير بأصابع الاتهام للمؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها الأمنية والشرطية، وتحملها مسؤولية استفحال العنف والجريمة وتصاعد جرائم القتل وتتهمها بالتورط في سفك واستباحة الدماء ومنح الغطاء والدعم لعصابات الجريمة المنظمة.وتحذر الفعاليات الفلسطينية في الداخل من إقحام “الشاباك” في حياة المجتمع الفلسطيني بالداخل تحت ذريعة “مكافحة العنف والجريمة” ونبهت إلى أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى اختراق غير مسبوق للداخل الفلسطيني واستغلال ذلك لتحقيق وخدمة أهداف جهاز الاستخبارات بإحكام السيطرة على فلسطينيي 48. “الشاباك ليس حلا كونه طرفا بالمشكلة، لأنه يغذي ويرعى الجريمة المنظمة ويدعمها ويغض الطرف عن ممارساتها، وبالتالي هو ليس جهة محايدة”. عنصر فعال في نشر الجريمة وإشاعة الفوضى والسلاح بصفوف الفلسطينيين بالداخل.
وان “الشاباك” -الذي يعرف جيدا تشكيلة ونشاط ومقدرات عصابات الإجرام- هو من يقف وراء نشر السلاح واستفحال الجريمة، وليس هو المخلص والمنقذ، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة تهدف من وراء الزج بـ “الشاباك” إلى التضليل وغسيل الدماغ وتشويه الوعي الفلسطيني.
أن تصريحات نتنياهو للاستعانة بـ “الشاباك” وإسراع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لتشكيل مليشيا الحرس الوطني، يندرج في إطار السياسات الإسرائيلية لحصد ما زرعوه من بذور الفتنة عقب اندلاع الانتفاضة الثانية، لتفكيك المجتمع الفلسطيني بالداخل وفقدانه الأمن والأمان الشخصي والجماعي بغرض ترويضه واحتوائه.
أن حكومة نتنياهو العنصريه والمتطرفة تريد الدفع بفلسطينيي 48 للاستجداء بـ “الشاباك” والترويج وكأنه هو المخلص والمنقذ لهم من مستنقع العنف والجريمة، وذلك على الرغم من أن جهاز المخابرات هو إحدى الأدوات التي وظفت لتفكيك النسيج المجتمعي للفلسطينيين.