خطة حكومة الكيان الخماسية للقدس.. تعزيز للأمن والإستيطان وتهويد وأسرلة
الكاتب: راسم عبيدات
وزير مالية دولة الكيان المتطرف سموتريتش يفخر بأنه سيقود أكبر خطة لتعزيز السيادة على مدينة ” القدس” ككل،وتأتي تلك الخطة لتعزيز الأمن والسيادة والسيطرة على مدينة القدس ،وتهويدها وأسرلتها، استكمالاً للخطة الحكومية الخماسية الممتدة من عام (2018-2023)،والتي بلغت ميزانيتها 2 مليار و 100 مليون شيكل،رصد منها مبلغ 875 مليون شيكل من أجل أسرلة العملية التعليمية في القدس،وكان عنوان تلك الخطة “دمج السكان العرب في المجتمع والإقتصاد ” الإسرائيلي” خاصة الشبان منهم وسكان القدس عامة وضمن أهداف تلك الخطة الخادعة والمضللة ما يسمى بتقليص الفجوات الإقتصادية والإجتماعية بين العرب و” اليهود” في المدينة.
خطة سموتريتش والتي يشاركه فيها بلدية الكيان ووزير ما يعرف بوزير شؤون القدس والتراث اليهودي ،تبلغ ميزانيتها للخمس سنوات القادمة (2024-2028 ) 3 مليار و 200 مليون شيكل …يرصد منها 120 مليون شيكل من أجل تعزيز أمن البؤر الإستيطانية والمستوطنين في القسم الشرقي من المدينة ،عبر اقامة مراكز شرطية جديدة ونشر وتعزيز الشرطة في القدس وفي البؤر الإستيطانية والطرق المؤدية للمستوطنات،وزيادة عدد الحراس ومراقبي البلدية ونصب كاميرات امنية جديدة وتخصيص تدريب خاص للشرطة،وزيادة رواتب الحراس الأمنيين بنسبة 100% ، في حين سيخصص 800 مليون شيكل من تلك الميزانية “لأسرلة” العملية التعليمية في القدس بشكل كامل،واقصاء المنهاج الفلسطيني من المدينة،ومحاصرة المدارس التي تقوم بتدريسه على طريق تصفيتها ومنع الميزانيات عنها،ورفض افتتاح أي مدرسة تبنيها بلدية الكيان إلا وفق المنهاج الإسرائيلي …فهناك ثلاث مدارس تشترط فتحها بتدريسها للمنهاج الإسرائيلي في كفر عقب،مدرسة ايلياء الإبتدائية من الصف الأول حتى السادس الإبتدائي ،ومدرسة الإبداع للفنون في شعفاط،أيضاُ من الصف الأول وحتى السادس الإبتدائي،والتي ستدرس الرياضيات والعلوم والكيمياء وغيرها من المواد العلمية، بالإضافة لمدرسة تكنولوجية في منطقة الصلعة – جبل المكبر ،مع مسار حاسوب “كمبيوتر” من الصف التاسع حتى الثاني عشر، والهدف هنا ليس فقط المنهاج الفلسطيني،بل استهداف للوعي والذاكرة والرواية والهوية والثقافة الفلسطينية ،ومن هذا المبلغ سيرصد 200مليون شيكل لدمج الطلبة الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية وفي مقدمتها الجامعة العبرية،بحيث يكون هناك عمل مكثف لدمجهم في برامج الجامعة وأنشطتها في الإطار التطبيعي والعلاقات المشتركة مع الطلبة اليهود،وبما يؤثر على موقفهم وميولهم الوطنية،ولم تقف الأمور عند هذا الحد في إطار عملية “أسرلة ” الوعي،بل جزء من هذه الميزانية رصد من أجل إقامة ما يعرف ب” بيت الثقافة” بدل موقف سيارات واقع في ساحة مكتبة بلدية “القدس” بالقرب من شارع الزهراء ومدرسة المأمونية الثانوية للبنات، يتسع ل 200 سيارة، يجري اغلاقه في وقت تعاني فيه القدس وسكانها من نقص حاد في المواقف المخصصة للسيارات،مما يضطرهم لإيقاف سياراتهم بشكل غير قانوني مما يعرضهم للملاحقة والمطاردة والمخالفات من قبل شرطة الإحتلال ومفتشي بلديتها ،وبالمقابل صادرت بلدية الكيان قطعة ارض في منطقة الشيخ جراح المستهدفة بالتهويد وخصصتها كموقف لسيارات المستوطنين من أجل تسهيل قدومهم للمنطقة.ونحن ندرك تماماً بأن الهدف من بناء “البيت الثقافي”،والذي يشتمل على مسرح ومركز ثقافي،ليس تطوير سكانها العرب ثقافياً وفنياً،وإيجاد فضاء لهم لأنشطة ثقافية وفنية ،فدولة الكيان تسعى لطمس وشطب كل ما يمت للثقافة والهوية والرواية والفنون والتاريخ الفلسطيني والعربي في المدينة بصلة ،لأن هذه المؤسسة سيكون لها هدف في إطار تطبيع العلاقات ما بين سكان المدينة العرب و” اليهود” وإقامة أنشطة وفعاليات ثقافية وفنية مشتركة ،ومن زاوية أخرى ستسعى بلدية الكيان وأجهزتها الأمنية من أجل إغلاق المؤسسات الفنية والثقافية والمراكز الشبابية في المدينة ،تحت ذريعة انها تنشر ثقافة متطرفة وتقيم أنشطة وفعاليات تحريضية ،تعرض أمن دولة الكيان للخطر، فأي مؤسسة ثقافية أو فنية تقدم انشطة وفعاليات لها علاقة بالجانب الوطني والتوعوي والتأكيد على حقوق شعبنا وهويتهم وثقافتهم وروايتهم وتاريخهم،المطلوب شطبها والتخلص منها،ولذلك سيكون واحد من اهداف هذا ” البيت الثقافي”، السعي من أجل الغاء وجود وسحب تراخيص المؤسسات الثقافية والفنية والشبابية المقدسية مثل مركز “يبوس” الثقافي و”مركز ادوارد سعيد “الفني” والمسرح الوطني الفلسطيني “الحكواتي” ومؤسسة” برج اللقلق”،وغيرها من الأندية والمؤسسات المجتمعية والشبابية.
وبالنظر لبنود الخطة المطروحة ، نجد انها خطة أمنية بامتياز حيث ميزانية الامن لوحدها 120 مليون شيكل،وكذلك مزيد من الرقابة، مزيد من العسكرة، مزيدا من مراكز الشرطة ورجال الامن ،مزيد من العزل والفصل العنصري.
وتطوير الطرق والبنية التحتية للمشاريع والمخططات الإستيطانية،لها نصيب من هذه الميزانية،من أجل ربط المستوطنات بعضها ببعض وتوسيع شبكة القطارات والأنفاق وبناء المزيد من الجسور والأنفاق وقطار هوائي يسهل الوصول للقسم الشرقي من المدينة ووصول المستوطنين اليها.
بالتأكيد التطور الذي يتحدثون عنه سيكون لصالح المستوطنين،من خلال إقامة المزيد من المستوطنات والبؤر الإستيطانية،وجلب المزيد من المستوطنين للمدينة،والذين يلزمهم امن وحماية ومواصلات وبنى تحتية،وملاعب ومدارس ومركز صحية وحدائق ،حتى يتمكنوا من السكن والعيش في المدينة،وهذا يحتاج الى أموال ضخمة،تلك الأموال التي توفرها هذه الخطة لهم ولسكنهم ورفاهيتهم.
نحن ندرك بأن هذه الخطة جاءت بالغالب لإرضاء المستوطنين، جاءت لتقول سنعمل على حمايتكم فقط،وعليكم أن تتغلغلوا أكثر، وسنعمل على إلهاء المقدسيين في قضايا وازمات يومية، لا تقلقوا لن يستطيعوا التفرغ هذه المرة لوجودكم المتغلغل فيها، فهم مربوطون بالنظام، سيكون هناك مزيد من الأمن لحمايتكم وضبط الأمور، هذه الخطة جاءت لتقول للمجتمع الإسرائيلي عامة وللمستوطنين خاصة ، جئنا اليكم بالميزانيات التي ستقلص كل اعمال “الإرهاب” وتمنحكم الأمان، هي جميعها خطط ولكن في كل مرة خطة ضمن محاولة جديدة للسيطرة، الاحتلال ليس وليد اللحظة، الاحتلال منذ 56عاما ،لا بل 75 عاماً من إحتلاله لهذه الأرض، وخططه مستمرة معه، وما فشل في تمريره قديما، سيعود ليأتي فيه من جديد، هي معارك دائما مفتوحة، والسقف الزمني مفتوح، ما لم يتم تحقيقه الان سيحدث في المستقبل.هكذا استطاع الاحتلال البقاء في البلاد على مر ال 75 عام! بالقوة والمخططات والسياسات والقوانين والموارد الغير محدودة ولكن الجديد اليوم هو الميزانيات التي تأتي من الخارج،ظنا منه أنه لا يطوع البشر سوى الأموال.
لم ينجح الاحتلال في تحقيق نظام الدمج والاسرلة كما سعى له في مناطق أخرى من فلسطين التاريخية.. استخدم الميزانيات والبرامج والمشاريع كما استخدم القوة والقمع والتنكيل والعقوبات الجماعية والاعتقال كذريعة لفرض قبضته في القدس، فرض مشاريع بعناوين مختلفة لتطويع الشباب، تحت عنوان تحسين ظروف المعيشة،خدمة مدنية ومراكز جماهيرية،مؤسسات وبمسميات مختلفة،وبهدف ربط المجتمع المقدسي في النظام الإسرائيلي من خلال استغلال الظروف المالية والمعيشية للشباب، كما نشهد في تصعيد الهجمة على التعليم حيث يعتبر التعليم المدخل الأساسي لطمس الرواية والتاريخ والهوية الوطنية الفلسطينية ، شرع في تكثيف
دعمه “لأسرلة” التعليم من خلال بناء عشرات المدارس في الاحياء المقدسية المختلفة التي تتبع النظام التعليمي والمنهاج الاسرائيلي، ومعارك مستمرة مع المقدسيين حول المنهاج، وعندما شعر بأن هذا لم يحسم الأمر بشكله النهائي ، جاء بالخطة الخمسية كنافذة أخرى لتحقيق المزيد من الربط والطرد والتهويد والأسرلة والضبط.