“جباية حتى من الأموات”.. إعلان بلدية غزة يشعل موجة غضب وسخرية

أثار إعلان بلدية غزة عن حملة “إبراء ذمة المتوفين” استياءً واسعًا بين المواطنين، حيث اعتبره كثيرون قرارًا غير إنساني، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع.
الإعلان، الذي يدعو أهالي المتوفين إلى تسوية المستحقات المالية المترتبة عليهم لصالح البلدية بتخفيض يصل إلى 40%، قوبل بموجة من الانتقادات اللاذعة والسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث رأى البعض أنه استمرار لنهج “الجباية” حتى بعد الموت.
وجاء في إعلان البلدية الرسمي: “استجابةً لمطالب العديد من أهالي المتوفين من أصحاب الاشتراكات، قررت بلدية غزة إطلاق حملة لمساعدتهم في إبراء ذمة المتوفي والاستفادة من حملة التخفيضات، وذلك وفق الآليات المحددة. ويمكن للراغبين في الاستفادة من الحملة زيارة مركز خدمات الجمهور في البلدية”.
وأوضحت البلدية أن هذه الحملة تهدف إلى “تخفيف الأعباء عن أهالي المتوفين من خلال تقديم خصومات تصل إلى 40%، لتسوية المستحقات المالية المترتبة عليهم”.
فور انتشار الإعلان، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات غاضبة وساخرة، حيث تساءل كثيرون عن مدى معقولية أن يُطالب المتوفى بتسديد ديونه بعد رحيله.
رئيس تحرير قناة المواطن الإعلامي عبد الحميد عبد العاطي كتب مستغربا: “شو الهبل .. هذا جزاء تضحيات الناس .. بلدية ما بتستحي”.
فيما علق الصحفي معتز العزايزة قائلاً: “عرض مغرٍ لمن تفتتوا بالصواريخ، ولم يختاروا الحرب، وخسروا كل ما يملكون”.
كما كتب الصحفي أسامة الكحلوت: “الإخوة في البلديات، المواطن بالكاد يجد ما يأكله، وأنتم تطالبونه بسداد الرسوم! المحرقة لم تنتهِ بعد، وهذا وقت خدمتهم ومساعدتهم والتخفيف عنهم، لا إثقال كاهلهم بالمزيد من الأعباء”.
أما فضل البورنو فقد سخر من القرار قائلاً: *”يا جماعة، سيبوا كل شيء في إيديكم وروحوا شرق السرايا، البلدية عاملة حملة إبراء ذمة للمتوفين”.
وعلّق الصحفي أبو بكر بشير بنبرة غاضبة: “المواطن هو المتضرر حيًا أو ميتًا، هلكتونا! أنتم تقولون إن الشهيد تُغفر كل ذنوبه مع أول قطرة دم، لكن لم تخبرونا أن العرض لا يشمل فاتورة البلدية!”.
أما محمد أبو دقة فقد كتب بتهكم: “بشرى سارة لأهالي شهداء الطوفان وفرصة ذهبية لا تتكرر.. بيع خيمتك، وطناجرك، وكم كرتونة معلبات، وبيع نفسك إذا استطعت، وسدد فاتورة شهيدك، فكل الذنوب تُغفر إلا دين البلدية”.
وأضاف محمد أبو نصير بسخرية: “بشرى سارة للأموات، بلدية غزة تعلن عن حملة إبراء ذمة للمتوفين! سدد ما عليك من مستحقات بتخفيض يصل لـ40%، لحّق حالك ومُت عزيزي المواطن قبل انتهاء الحملة”.
فيما اكتفى محمد صلاح بعبارة مختصرة: “اشتغلت الحلابة”.
أما سماح شاهين فقد حذّرت قائلة: “احذر أن يكون خصيمك يوم القيامة بلدية!”.
يأتي هذا القرار في وقت يعيش فيه سكان غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخهم، بعد حوالي عام ونصف من الحرب الإسرائيلية التي دمرت البنية التحتية، وأفقدت آلاف العائلات منازلها ومصادر رزقها، وأغرقت القطاع في أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة.
ففي ظل المجازر، والنزوح الجماعي، والجوع الذي يفتك بالناس، يجد المواطن نفسه اليوم مطالبًا بسداد فواتير حتى بعد الموت، وكأن المعاناة لا تكفيه حيًا ولا ميتًا.
إن المسؤولية الحقيقية للبلدية، في مثل هذه الظروف، يجب أن تكون في تخفيف الأعباء عن المواطنين المنهكين، لا أن تتحول إلى عبء إضافي يزيد من مآسيهم.