تقارير: إعمار قطاع غزة يحتاج لسنوات ومليارات ومواجهة ملايين أطنان الركام
غزة – المواطن
بعد التوصل رسمياً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يبدأ تنفيذه الأحد المقبل، تظهر تقديرات الأمم المتحدة أن إعادة إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب ستحتاج إلى سنوات ومليارات الدولارات.
وتقدر الأمم المتحدة أن هناك أكثر من 42 مليون طن من الركام في غزة، مشيرة إلى أن هذا يعادل 14 مثل كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين 2008 وبداية الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأكثر من 5 أمثال الكمية التي خلفتها معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017.
ولفتت الأمم المتحدة إلى أن إزالة هذه الكمية من الركام ستستغرق 14 عاماً وتكلف 1.2 مليار دولار.
كما أن المهمة ستكون معقدة بسبب القنابل غير المنفجرة والمواد الملوثة الخطيرة والبقايا البشرية تحت الأنقاض.
وتعد الأنقاض بيئة مثالية لذباب الرمل، الذي يمكن أن ينشر داء “الليشمانيات”، وهو مرض جلدي طفيلي مميت إذا ترك دون علاج.
كما أن هناك قلقاً من العقارب الصفراء والأفاعي التي تعشش في الشقوق الصخرية. هذا بالإضافة إلى مادة “الأسبستوس” التي تستخدم على نطاق واسع مادة عزل، وتشير التقديرات إلى أن 2.3 مليون طن من الحطام في غزة تحتوي على هذه المادة، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وتعد “الأسبستوس” مادة محظورة في عشرات البلدان، حيث يمكن أن تطلق جزيئات محمولة جواً قد تسبب أنواعاً متعددة من السرطان.
وقدرت وزارة الصحة الفلسطينية في مايو (أيار) الماضي أن هناك نحو 10 آلاف جثمان شهيد تحت الركام.
ويقول الخبراء إنه يمكن استخدام الحطام غير الملوث لإعادة الإعمار، على سبيل المثال بعد سحقه وتحويله إلى خرسانة.
وتقدر الأمم المتحدة أن إعادة معالجة نصف هذه الأنقاض فقط ستكون كافية لإعادة بناء شبكة الطرق بأكملها في غزة.
واقترح المسؤولون استخدامها في هياكل الدفاع البحري مثل حواجز الأمواج للحماية من تآكل السواحل والفيضانات. وتشمل الاستخدامات المحتملة الأخرى كتل الرصف للأرصفة وقنوات الصرف.
كم سيستغرق إعادة بناء المنازل المدمرة؟
أظهر تقرير للأمم المتحدة نشر في العام الماضي أن إعادة بناء المنازل المدمرة في قطاع غزة قد تستمر حتى عام 2040 على الأقل، وقد يطول الأمر لعدة عقود.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون حالياً إلى مأوى في غزة.
وبحسب وكالة “بلومبرغ” للأنباء، فقد كشفت التقارير وصور الأقمار الاصطناعية عن أن أكثر من 70 في المائة من المساكن والمدارس والمستشفيات والشركات في غزة تهدمت أو سويت بالأرض.
ووفق الأرقام والمعلومات التي أوردتها الأمم المتحدة:من المتوقع أن يواجه 91% من سكان غزة مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
كما أن 68% من الأراضي الزراعية، و52% من الآبار تضررت، 72% من أسطول الصيد تدمرت.
وحسب المعلومات فإن أكثر من 95% من الماشية، ونحو نصف الأغنام، ذُبحت أو نفقت منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى 92% من مساكن القطاع تضررت.
ودمر ما لا يقل عن نصف الأراضي الزراعية في غزة، ما أدى إلى انهيار القطاع الزراعي الذي سوف يستغرق التغلب عليه عدة سنوات، وفقاً لمؤسسة “جذور الخيرية المحلية” التي تتعاون مع منظمة “أوكسفام” الدولية لمكافحة الفقر.
وتقول وكالات الإغاثة إن معظم سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة نزحوا، وتكدسوا في شريحة صغيرة من الأرض على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، معزولين إلى حد كبير عن المياه العذبة والغذاء، فضلاً عن الأدوية والصرف الصحي الأساسي.
وقال دانييل إيجل، كبير الاقتصاديين في مؤسسة “راند البحثية” ومقرها كاليفورنيا، لـ”بلومبرغ” إن الأمر أكبر وأعمق من مجرد إزالة الركام وإعادة بناء المنازل والمباني.
وأوضح قائلاً: “ماذا عن الأضرار النفسية التي لحقت بالسكان بسبب الموت والإصابات والصدمات؟ يمكنك إعادة بناء مبنى، ولكن كيف يمكنك إعادة بناء حياة مليون طفل؟”.
ومن جهته، قال مارك غارزومبيك، أستاذ تاريخ العمارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي درس إعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية: “ما نراه في غزة هو شيء لم نشهده من قبل في تاريخ التحضر. إنه ليس مجرد تدمير البنية التحتية المادية، بل إنه تدمير تام للحياة الطبيعية”.
وأضاف غارزومبيك: “ستكون تكلفة إعادة البناء باهظة. يجب أن تكون مواقع البناء على هذا النطاق خالية من الناس، ما يخلق موجة أخرى من النزوح. غزة ستكافح مع هذه الأزمة الطاحنة لأجيال”.
ومن جهتها، شددت شيتوس نوغوتشي، مسؤولة كبيرة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على مدى تعقيد عملية إزالة الأنقاض.
وقالت إن البرنامج يتمتع بخبرة واسعة في غزة، ولكن بالنظر إلى عدد الجثث المدفونة بين الأنقاض، بالإضافة إلى الذخائر غير المنفجرة فإن “هذه المرة مختلفة جداً”، وتتطلب طرقاً جديدة للتعامل مع الركام وإعادة بناء المنازل والمباني.