تصعيد جديد.. نحو مواجهة مفتوحة في الضفة؟

كتبت : مسك محمد
يبدو أن سيناريو التصعيد في الضفة الغربية بات قاب قوسين أو أدنى، فالتقارير الأخيرة تكشف عن نوايا جيش الاحتلال الإسرائيلي لإنشاء “بنك أهداف” مشابه لما تم استخدامه في غزة، وهي إشارة واضحة إلى أن الاحتلال يسير بخطى حثيثة نحو استراتيجية عسكرية أشد فتكًا، تتجاوز عمليات الاقتحام والاغتيالات المحدودة إلى ضربات جوية مدمرة، قد تقلب موازين المواجهة في المنطقة.
في السنوات الأخيرة، باتت الضفة الغربية مسرحًا لمواجهات متزايدة بين فصائل المقاومة وجيش الاحتلال، لكن الإجراءات الأخيرة تشير إلى أن الاحتلال لم يعد يكتفي بالتوغلات العسكرية المحدودة، بل يسعى إلى تغيير قواعد الاشتباك بالكامل، متذرعًا بعدم قدرة السلطة الفلسطينية على كبح أنشطة الفصائل المسلحة. هذا التحول في النهج العسكري ينبئ بمستقبل دامٍ، شبيه بالسيناريوهات التي شهدناها في غزة، حيث تحول “بنك الأهداف” إلى قائمة مفتوحة للمجازر والتدمير الممنهج.
لا يمكن قراءة هذا التصعيد بمعزل عن السياق الإقليمي والدولي، فمع استمرار حالة الجمود السياسي وانشغال العالم بأزمات أخرى، يبدو أن الاحتلال يرى في هذه اللحظة فرصة مناسبة لفرض معادلات جديدة في الضفة، مستغلًا الانقسامات الفلسطينية الداخلية وضعف الموقف العربي والدولي تجاه القضية.
لكن السؤال الأهم هنا: هل يمكن لهذا التصعيد أن يحقق أهداف الاحتلال؟ التاريخ القريب يثبت أن سياسات القوة العمياء لم تخلق إلا مزيدًا من المقاومة والتحدي، فكما أنتجت الجرائم الإسرائيلية في غزة واقعًا جديدًا لم يكن في الحسبان، قد يؤدي التصعيد في الضفة إلى ولادة أشكال جديدة من المواجهة، قد تتجاوز قدرة الاحتلال على الاحتواء.
إن الضفة الغربية ليست غزة من حيث الطبيعة الجغرافية أو البنية العسكرية للمقاومة، لكنها تبقى بيئة قابلة للاشتعال، وعندما يُفتح الباب أمام الغارات الجوية والاستهداف العشوائي، فإن العواقب ستكون أكبر من قدرة الاحتلال على تحملها. إن التصعيد اليوم قد يكون خطوة في طريق فقدان الاحتلال للسيطرة، فحين يعتقد أنه يضرب بيد من حديد، قد يجد نفسه في مواجهة انتفاضة جديدة، أكثر عنفًا، وأكثر إصرارًا على كسر المعادلات التي يحاول فرضها.
يبقى الفلسطينيون، كما كانوا دائمًا، الرقم الصعب في معادلة الاحتلال. وكلما أوغل في الدماء، كلما ازداد الإصرار على المقاومة، فهل يكون التصعيد القادم بداية النهاية لمشاريع الاحتلال في الضفة؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة.