الجوع يعضُّ أطفال غزة!
بقلم : ابراهيم بركات
ليس ثمة ما هو أكثرُ وجعاً، ولا أشدّ خطراً من الموت اليوميّ لأطفال غزة، سوى الجوع الذي يتربّص بهم، وينهشُ أجسادَهم النحيلة، ويُعمّق مشاعرَ الألم والحسرة والقهر وقلة الحيلة لدى آبائهم وأمهاتهم، وهم يحاولون عبثاً إسكات جوعهم بالنوم أو بكِسرٍ من الخبز الحاف الجاف الذي لا يُسمنُ ولا يُغني من جوع.
جوعُ الأطفال يهزّ النفس، ويُزلزل الوجدان، ويحفرُ في النفوس غير المطمئنة من انقلاب الحال وتبدّل الأحوال غصّةً في القلب، وحزناً يهدُّ الحيل من فرط قسوته وثقله وشدة وجعه.
فكيف للمرء أن ينامَ ورضيعُه الذي نَهْنَههُ البكاء يستجدي رضعةً من ثديٍ جاف، أو يستغيثُ طفلُه لتوفير وجبةٍ قبل أن ينامَ على الطوى.
في التقرير الذي يتصدّر الصفحةَ الأولى، رصدت مراسلتُنا في القطاع حكاياتٍ وآلاماً مكبوتةً في صدورٍ أثقلتها الهمومُ والأحزان، من تضوّر الأطفال الذين ينامون جوعى في الخيام، بانتظار أن يلوح الصباحُ حتى يصطفوا في طوابير طويلة للحصول على وجبةٍ تُبقيهم على قيد الحياة.. الحياة التي لم يعد لها معنى بين الركام والأوبئة والأمراض والخيام الممزقة، وتحت أزيز الزنانات التي تُعاجل الأطفالَ قبل حصولهم على حصتهم من الطعام، أو بعده بقليل.
إنه الموتُ الزؤامُ بالجوع الذي توعّد به سموتريتش غزة، معتبراً أنّ من العدل أن يموتَ سكانُها بالجوع، إذا نجوا من الموت بالقذائف وأنياب الطائرات.
أطفالُ غزة، بعد أن تخلّت عنهم الضمائرُ الإنسانية، لم يبقَ لهم إلا الله يُطعمُهم من جوعٍ ويُؤمّنُهم من خوف.